الازمة السياسية الحالية في العراق هي أزمة تأسيسية وليست وليدة هذه المرحلة وربما الأخطر منذ بداية العملية السياسية في العراق وتشكيل الحكومات العراقية منذ 2004  ولغاية اليوم. فالسيد مقتدى الصدر اتخذ قراراً بتشكيل حكومة الاغلبية الوطنية ومن الصعب التراجع عنه، وفي حال تخلى حليفاه السيدان مسعود البارزاني ومحمد الحلبوسي سيلجأ السيد الصدر الى المعارضة لأن حليفيه يتعرضان لضغوط كبيرة، وفي كل الاحول فأن السيد الصدر هو الأكثر راحة من خصومه فأذا تمكن هو وتحالف “أنقاذ وطن” من تشكيل حكومة الاغلبية فهو بذلك يحقق مشروعه الانتخابي وبعكسه فأنه سيذهب للمعارضة وبذلك ستكون الكتلة الوحيدة القوية والمتماسكة المكونة من (74) نائباً من دون الكتل الاخرى التي أعلنت أنها ستذهب إلى المعارضة منذ البداية. وعلى هذا فسيكون واقصد التيار الصدري قد حقق غايته بعد هذه السنوات من الفشل السياسي وسيطرة المشروع الامريكي الايراني المسمى (التوافقية).
أما الإطار التنسيقي فهم بلا مشروع وهدفهم المشاركة في حكومة توافقية اسوة بالحكومات السابقات (التوافقية) ويصرون على مشاركة التيار الصدري في الحكومة المقبلة لمشاركته الفشل الخامس المقبل وهم يرون أنه الحل الافضل رغم أنهم يبررون رغبة المشاركة بالحكومة المقبلة بأساب تتعلق بالمحافظة على مصلحة المكون ويريدون الذهاب إلى حكومة مؤقتة تمهد الطريق لانتخابات مبكرة.
عموماً الاصرار على العودة إلى الكتلة الشيعية الموحدة بات شبه مستحيل حتى وأن تم الاتفاق مع السيد الصدر على اعادة الكتلة الشيعية هذه المرة لكن لا يمكن اقناع القوى الشيعية بضرورة اعادة بناء الكتلة الشيعية ولسببين رئيسيين الأول أن المرجعية الرشيدة المتمثلة بالسيد السيستاني دام ظله رفعت عنهم الغطاء الشرعي وبهذا فقدوا جانباً مهماً من شرعيتهم فضلاً عن حالة الفقر والجهل في المحافظات الشيعية التي تسببت بانهيار صورتهم وفقدانهم للدعم الشعبي.
من يعتقد أن تشتت الكتلة الشيعية هي مؤامرة ضد المكون فهو واهم أو متأثر بخطاب القوى السياسية الشيعية ومتناسٍ أن الكرد تفككوا قبل الشيعة وانتهى التحالف الكردستاني المتمثل بالتقارب بين حزبي البارتي واليكتي، وحتى البيت السني يعاني نفس الظروف وان كان أفضل نوعما لكن هذا لن يستمر خاصة مع وجود كتلة عزم بزعامة السيد مثنى السامرائي التي تعارض تحالف السيادة الذي يضم اغلب القيادات السُنية فضلا عن عودة علي حاتم السليمان ورافع العيساوي وأحتمالية عودة طارق الهاشمي اللذين سيصبحون خصماً نوعياً للحلبوسي والخنجر.
وهنا لابد من التذكير أن المشروع التوافقي بعد العام 2003 هو مشروع خارجي أمريكي – إيراني حيث كان يستخدم في تشكيلات الحكومات السابقات لهذا كان الامريكان والايرانيون يلجأون للتسوية عبر التوافقية دون أي أعتبار للمصلحة الوطنية.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *