الحرية الحقيقية التي تحتاجها مجتمعاتنا وخصوصا المسماة نفطية , هي التخلص من قيد النفط الذي عطل العقول وشل إرادة الأمة , وأعجزها عن إطعام نفسها وتلبية حاجاتها , وحوّلها إلى عالة على الآخرين.
النفط لم ينفع أمة العرب كما يجب , بل أحرقها في أتونه , فنعمته تحولت إلى نقمة ونيران تنسجر فيها الأجيال تلو الأجيال.
فما هي منجزات النفط؟
سيقول قائل أنظروا دول الخليج فأنها متطورة عمرانيا , ويتناسى غياب المشاريع اللازمة لتنمية إرادة الأمة وتأمين حاجاتها الأساسية.
فالأمة النفطية , نسبة كبيرة من أبنائها تحت خط الفقر , ومجتمعاتها متأخرة في العديد من مناحي الحياة المعاصرة , ويهرب منها أبناؤها لأنها سحقت قيمة الإنسان , وأنكرت وجوده وحقوقه الأساسية , فأنظمة حكمها , فردية , عائلية , تحزبية , فئوية , وبعضها طائفية مقيتة.
فماذا جلب النفط للأمة؟
منذ أن إنبثق في ديار العرب , والويلات تتفاقم مع زيادة أسعاره , والحروب تتواصل , والنسبة العظمى من وارداته تنام في البنوك الأجنبية , وما تبقى منها يُشترى به السلاح لتدمير أمة العرب!!
هذا من جانب , أما الجانب الأقسى , أنه إنتزع من الأجيال إرادة التفكير الحر وإعمال العقل , وأوهمها بالإسترخاء والقنوط , وأن النفط سيغنيها ويمنع عنها الفقر والجوع والمرض , وهي تئن من ثلاثتها وما تمكنت من الإنتصار على واحدة منها.
قد يتهم البعض أدعياء الدين بتعطيل عقل الأمة , لكن للنفط دوره الفعال والمتواصل في هذا الشأن , ولولاه لتواصلت الأمة في إبداعاتها الحضارية الأصيلة , ولكانت مناهجها ورؤيتها متفوقة على غيرها من الأمم لأنها تمتلك معينا حضاريا ثريا ومتميزا.
فهل لنا أن نغادر ميادين النفظ المشحونة بالكسل والخواء؟!!