إذا صادف وكان لديك مراجعة لأي مركز من مراكز التجميل التي انتشرت في كل زاوية من زوايا العاصمة بغداد فضلا˝ عن تواجد فروع عديدة لها في المحافظات، ستجد أن معظم زبائنها من أعمار نهاية الأربعينات وحتى نهاية الستينات سواء˝ كانوا رجالا˝ أم نساء في الحقيقة أسترعى انتباهي هذا الموضوع ونوعية الزبائن فحاولت أن اتقصى الأسباب من وجهة نظر اجتماعية ونفسية، لذلك سأركز على هذين المحورين وسأطرح رأي علم النفس التطوري وسأناقش الموضوع اجتماعيا˝ أنطلاقا˝ من هذا، يقول علم النفس التطوري أن النساء تفضل الرجل كبير العمر لأنه الأكثر قدرة على توفير الموارد، فرغم كبر السن وانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية عند الذكور لكن تظل قدرتهم على الإخصاب قائمة، مما ينحي هذا العامل جانبا˝ ويضع عامل الموارد في المركز الأول، في المقابل يفضل الرجال صغيرات العمر لأن التبويض يتوقف عن النساء في مرحلة ما بين الأربعين والخمسين، لذلك يرغب الرجال نساء˝ أكثر نعومة في الجلد، وانبساطا˝ في العضلات، ولمعانا˝ في الشعر، وامتلاء˝ في الشفاة كمؤشرات لمستوى الحيوية المرتفع.أنطلاقا˝ من هذا الرأي يتم طرح السؤال الآتي:هل نحب حقاً؟! يلجأ البعض للعلم كي يجيب عن هذا السؤال بــ لا، ليقول انها فقط مجموعة من التفاعلات الكيميائية غاية في التعقيد لكنها تتسم جميعا بالتزامها الصارم بقواعد الكيمياء والبيولوجيا وعلم النفس.
دراسة موضوع
من تلك النقاط ينطلق عالم النفس التطوري الأشهر الأمريكي ديفيد بوس لدراسة موضوع غاية في الأهمية، وهو الغيرة، فتنبؤات علم النفس التطوري هنا تفترض أن الرجال سوف يكونون أكثر اهتماما˝ بالخيانة الجنسية في مقابل الخيانة العاطفية، لأن الخيانة الجنسية سوف تتسبب في أنه قد يربي طفلاً ليس أبنه وتلك كارثة بالمعايير التطورية، إذ سينفق من موارده لتمرير جينات ليست جيناته، بينما في حالة خيانة الرجل لزوجته سوف تمثل تهديداً لها في أنه قد يحوّل جزءا˝ من الموارد إلى امرأة أخرى، لكن الأكثر أهمية بالنسبة لها سوف يكون الخيانة العاطفية لأنها تمثّل بشكل أكبر التزامه بالأستمرار في دعم العلاقة، بالطبع جاءت نتائج الاستطلاعات لتؤكد صدق تنبؤ علم النفس التطوري.
بعد عام 2003 أرتفع المستوى الأقتصادي للكثير من الناس الذين كانوا يعانون أصلا˝ من الفاقة والفقر لأسباب عديدة من أبرزها سياسيات النظام السابق والحصار الأقتصادي الذي أستمر من بداية تسعينات القرن الماضي الى سقوط النظام بدايات عام .2003
المشكلة في هذا التحسن المادي للأفراد جاء متأخرا˝ جدا˝ إذ الكثير منهم كان يعاني من أزمة منتصف العمر أو حتى وصلت أعمارهم الى بداية الخمسينات، مايعنِ أن الفرص المتاحة للتمتع بهذا الغنى كانت محدودة جدا˝ لاسيما والمتعة هنا تصب في اتجاهين لا ثالث لهما، متعة في الجانب المادي وتنحصر في الحصول على عقارات وسيارات وسفر وسهرات وغير ذلك اما الجانب الأهم فهو الحصول على علاقات عاطفية أو جنسية، وهذا مادفع الكثير من الرجال الى محاولات مستمرة للحصول على علاقات مع نساء خارج بيت الزوجية مع التركيز على النوعية في الأختيار إذ يفضلون نساء˝ صغيرات بألعمر يتمتعن بنسبة عالية من الجمال على مستوى الوجه والجسد، وبألفعل حصل الكثير منهم على مبتـــــــغاهم حتى مع علمهم أن دوافع النســـــــاء اللواتي أرتبطن معـــــــهم بعلاقة، مادية صرف، الرجال هنا يفكرون بأن المال هو الوحيد القادر على أن يمنحهم المتعة التي يسعون أليها ولايغفلون في نفس الوقت المحاولات بألحصول على رضى شريكاتهم الجديدات بعيدا˝ عن الجانب المادي بزيارات مســــــــتمرة لمراكز التجميل التي أغرتهم بإعلاناتها عن أمتلاكها القــــــــدرة على ارجاع ما أخذه الزمن أو على الأقـــــــل بعضا˝ منه، في الجانب الآخر زوجات هؤلاء الرجال اللواتي عـــــــشن معهم أيام الفاقة والفقر باتن يدركن خطورة الموقف والامكانية الكبيرة في تخليهم عنهن في لحظة ما، نعـــــــم هن يعلمن بخيانة أزواجهن ويدركن مع أنفسهن أن أسباب الخيانة طبيعة ولايمكنهن منع أزواجهن، لذلك لجأن الى حل وسط وهو محاولتهن الحفاظ على أستمرارهن مع جزءا˝ ولو بسيطا˝ من حياة ازواجهن بدلا˝ من فقدهم نهائيا ووجدن أن الحل يكمن في أستعادة ولو جزءا˝ بسيطا˝ من حيويتهن، وهذا ما دعاهن لأرتياد مراكز التجميل التي وجدن بهن حلا˝ ممكن به أن يحافظن على جزء˝ من حياة أزواجهن بدلا˝ عن فقدهم بشكل نهائي.
{ استاذ دكتور