لماذا تتصدَّر الصومال قائمة الفساد؟ لماذا لا ينتهي الفساد أو تنخفض مستوياته؟ لماذا يزداد الفاسدون قوةً وانتشاراً وثراءً ولا مِن رقيب ولا من حسيب؟
لوجود ترهل وضعف في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وحاجته الشديدة إلى تعديلات كثيرة أو إلغائه وسن قانون جديد أكثر صَرَامةً وشِدَّةً تتناسب مع ازدياد معدلات الفساد.
وما دام الشك يُفَسَّر لصالح المُتَّهم، هذه القاعدة قابلة للامتداد حول الأرض 18689 مرة لصالح المتهم الفاسد، لئلا يُخدشَ شعوره بحبِّ الوطن الذي استخرجه من مجارير المدينة المهجورة ووضعه أعلى السلم الإداري. ولانتشار وشيوع شهادة الزور، وكثر الدعاوى المعروضة وقلة المحاكم، حتى لو أنَّ قاضي النزاهة يعمل 48 ساعة كل يوم، لن يستطيع إنجاز تِلال القضايا المُتراكمة المتزايدة.
ماذا يفعل القاضي لكي يكسب الوقت؟ يطلب التحقيق الإداري، أو يطلبه الممثل القانوني ليَمُنَّ على المسؤول الفاسد بطلبه هذا، وبذلك يصير المشكو منه الفاسد، هو الخصمُ والحَكمُ، ويتأخر التحقيق الإداري شهوراً طويلة، يكون الشهود قد تعرضوا لشتَّى الضغوط من مسؤولهم الفاسد، وكاميرات المراقبة قد امَّحت أو سمحَ الوقت للتلاعب بها بالتشويش أو التقطيع أو الحذف. ماذا يحدث عندئذٍ؟ عند ضياع الأدلة وتراجع الشهود، يكسب الفاسد ويُفرَج عنه ليعودَ أقوى مما كان وينتقم من الأبرياء الذين ظنوا في قضائكم عدلاً وخيراً.
المشتكي يطعن بقرار القاضي طلب التحقيق الإداري، أمام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية. بعد شهرين أو ثلاثة سيردُّ الطعن استناداً لأحكام المادة (249/ ج) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23  لسنة 1971 لأنَّ قرار القاضي طلب التحقيق الإداري يُعتبر قراراً إعدادياً وليس فاصلاً في الدعوى. هذه المادة يجب إلغاؤها أو تفعليها برفض قاضي التحقيق طلب الطعن بدءاً، وعدم رفعه إلى محكمة الجنايات بصفتها التمييزية حَفاظاً على الوقت والجهد الضائعين المهدورين في حلقة مُفرَغة.
عشرات بل مئات وربما آلاف الطعون تردُّ لهذا السبب، والخطأ هو سوء فهم المشتكي أو عدم معرفة محاميه بهذه المادة.
لماذا لا يجوز الطعن بقرارات القاضي الإعدادية؟ وما هو المقياس الذي يفصل بين القرارات الإعدادية وغيرها؟
المقياس هو سؤالنا: هل قرار القاضي فاصلٌ في الدعوى؟ والقرار الفاصل في الدعوى هو القرار النهائي الفصل، أي قراره بغلق الدعوى لعدم كفاية الأدلة أو إحالة الدعوى للمحكمة المختصة بكفاية الأدلة والقرائن لإدانته والحكم عليه. ثلاثة أرباع قضايا محكمة النزاهة تُحال إلى محكمة الجُنَح حسب تكييف قاضي التحقيق، ومحكمة الجُنح تُغلق الأكثرية أو تكتفي بحكم صوري غرامة ربع مليون مع حبس بإيقاف التنفيذ.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *