– عصبي الحركة.. مكفهر الوجه.. أحد الشقاوات المجرمين.. يصفه طارق عزيز بأنه (غير مثقف).. لا يتوانى حتى من قتل أبيه

– ارتكب عشرات مجازر الإبادة الجماعية.. صفى كل من يقف في طريقه.. مبالغ في الحذر.. وخوف من المبادرة

– وهو الوجه الجامد لنظام صدام.. وجسارته أثبتت إعجاب صدام به.. فكان أول المنقلبين على أحمد حسن البكر.. وأول المحرضين لصدام لينال من الذين اعترضوا على تسلم الأخير قيادة الدولة والحزب

– كما كان يتصف بقدر كبير من الخبث المعجون بالجبن.. فمن بقيً مع صدام من قيادات الحزب كانوا جميعاً من المشهورين بضعف شخصياتهم وبجبنهم وخوفهم من القائد الأوحد

– آمن بأن عمليات القمع وحدها تدعم بقاء النظام واستمراره.. لا تقلقه أية معارضة لنظامه.. لأنها حسب تعبيره (لو جمعت كلها في كيس ووضعت في مجرى ساقية فلن تؤثر فيه)

– إلا انه يتخوف كثيراً من تنامي نفوذ الآخرين من داخل الطاقم الحاكم فقد يفقد مواقعه.. على حين غرة

– لا يتحدث عن نفسه باستمرار.. ذلك يذكرنا بإصداره سلسلة من الكتب عن صدام بلغت 23 كتابا.. لم يكتب هو كلمة واحدة منها !! ولم يكتب ولم يتكلم عن نفسه كلمة واحدة في تلك الكتب أو في غيرها

– زج بالفتيان والطلبة وكل الأعمار خارج الخدمة العسكرية في قواطع الجيش الشعبي.. فخسر العراق مئات الآلاف من ورود أبنائه.. بانتصارات وهمية

 

السيرة والتكوين

– ولد طه ياسين رمضان الجزراوي في قضاء سنجار بمحافظة الموصل العام 1939.. من أم تركمانية.. وأب كردي

– في حين هو يدعي إنه (عربي.. وينتسب للعباسيين).. كانت أسرته فقيرة الحال.. فوالده بستاني ترك البستنة.. وافتتح له محلاً صغيراً لبيع اللعب والحلوى لأطفال المحلة

– يلقب نفسه بالجزراوي الذي أخذه من جزيرة ديار بكر.. التي تمتد حتى الموصل

– تحصيله الدراسة المتوسطة.. اشتغل موظفاً صغيراً في احد البنوك.. ثم تطوع في السلك العسكري برتبة نائب ضابط

ـ انضم الى حزب البعث أواخر العام 1958.. وبعد انقلاب 8 شباط 1963 رقيً الى رتبة ملازم أول

– وبعد إقصاء عبد السلام عارف للبعثيين في تشرين الثاني / سبتمبر / العام 1963.. جرد الكثير منهم من رتبهم العسكرية.. وفرضت الإقامة الجبرية عليهم.. وكان الجزراوي وصلاح عمر العلي وآخرين من ضمن المبعدين إجبارياً إلى مدينة الناصرية

الجزراوي.. وانقلاب 17 تموز 1968

– شارك الجزراوي بانقلاب 17 تموز 1968 فقد كان أحد ركاب (البيك آب) الذي دخلت قصر عبد الرحمن عارف الجمهوري فجر يوم السابع عشر من تموز / يوليو 1968

– كما كان بحكم تكوينه العسكري (نائب ضابط) في الجيش العراقي.. فتقلد رتبة (رائد) في الجيش بعد الانقلاب 17 ـ 30 تموز 1968.. وأصبح عضواً في المكتب العسكري لحزب البعث

– وأصبح مسؤولاً عن التعذيب والاستجواب والتحقيق في قصر النهاية

ـ كان من المحسوبين في البداية على خط الرئيس احمد حسن البكر.. وبعد أن رأى آخرين ينافسون صداماً يتساقطون أو يختفون في ظروف معلومة بالنسبة له.. فبين الحذر والولاء للبكر أم لصدام

ـ كان الجزراوي من أكثر (الرفاق) حباً للسلطة فكان متعطشاً لها.. مما جعله يدرك إن مصيره مرتبط بصدام.. الذي كان آنذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة

المناصب التي شغلها

ـ عين عضواً في مجلس قيادة الثورة في تشرين الثاني / اكتوبر / العام 1969

ـ ترأس في مطلع العام 1970 محكمة خاصة لمحاكمة (أعداء الثورة)

ـ عين في آذار / مارس / العام 1970 وزيراً للصناعة حتى العام 1976

ـ عين قائداً للجيش الشعبي العراقي العام 1971.. وهي ميليشيا عسكرية مرتبطة بحزب البعث

ـ أعيد انتخابه للقيادة القطرية لحزب البعث مطلع العام 1974

 

ـ أسند إليه منصب وزير التخطيط وكالة في كانون الأول / ديسمبر / العام 1974

ـ انتخب عضواً في القيادة القومية لحزب البعث العام 1977

ـ عين النائب ألأول لرئيس الوزراء.. إثر تولي صدام حسين رئاسة الجمهورية.. في 16 تموز / يوليو / العام 1979

ـ بعد إبعاد البكر من رئاسة الحزب والجمهورية في تموز / يوليو / العام 1979 أصبح الجزراوي من أشد المؤيدين لصدام

 

جرائمه

ـ بدأ التاريخ العملي للجزراوي مع حفلات التعذيب الشنيعة للمعارضين في معتقل قصر النهاية الرهيب في شباط العام 1963.. بمعية الجلادين البعثيين من أمثال: ناظم كزار لازم.. وعلي رضا باوه.. وحسن المطيري.. وداود الدرة.. وسعد بن المطربة وحيدة خليل.. وجبار لفتة.. وفرج الأسود.. وسالم الشكره.. وسعدون شاكر.. وخالد طبره.. وعمار علوش.. وفاضل الأعور.. وغيرهم الكثير من عتاة الشقاوات والمجرمين البعثيين.. الذين عاثوا فساداً في أجساد وحرمات العراقيين

ابشع جرائمه

ـ كشف عادل مراد عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني: إن أهم المعلومات التي حصل عليها حزبه لدى القبض على طه ياسين رمضان (الجزراوي) اعترافه بمساهمته في جرائم إنسانية بشعة أفضت الى مقتل أكثر من 10 آلاف مواطن من الكرد الفيلين تم احتجازهم مطلع الثمانينات في السجون بعد نفى عوائلهم الى إيران بذريعة التحدر من أصول إيرانية

ـ أكد طه الجزراوي لمحققيهم انه كان يقوم بتزويد الأجهزة المختصة في صناعة الأسلحة الكيماوية بما تحتاجه من بشر التجارب.. وان هذه الأجهزة وبعد الانتهاء من تجاربها كانت تقوم بإعدام من بقيً منهم على قيد الحياة.. ودفنهم في مقابر جماعية

محكمة الجزراوي

– 21 كانون الثاني / يناير / العام 1970 أعلن بيان للسلطة عن اكتشاف مؤامرة رجعية.. وتشكلت لذلك محكمة خاصة برئاسة طه الجزراوي وعضوية كل من ناظم كزار مدير الأمن العام.. وعلي رضا عضو القيادة القومية.. ومنحت المحكمة صلاحيات لمحاكمة العشرات من العسكريين والمدنيين.. وبالأخص شخصيات سياسية قومية معروفة بتهمة التآمر على الثورة

– وسبق تشكيل المحكمة اعتقالات واسعة في جميع المحافظات.. وخلال ساعة من قرار تشكيلها انعقدت المحكمة

– وخلال عشر ساعات فقط أصدرت حكم الإعدام ب (42) عراقيا من الضباط والمدنيين

– وبعد ساعة واحدة من صدور الحكم تم تنفيذ حكم الإعدام بهم جميعا.. من دون إعطاء.. ولو دقيقة واحدة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم.. أو توكيل محامين عنهم

– الحقيقة أن السلطة علمت بالمؤامرة من خلال عدة أشخاص احدهم كان حسن الخفاف.. فقد ورد في مذكرات وزير التخطيط الأسبق جواد هاشم حيث يقول إن: (حسن الخفاف موظف بسيط في مديرية التقاعد العامة).. وله في الوقت نفسه عيادة لتركيب الأسنان.. وهو أبن خالتي ومتزوج بسعدية صالح جبر.. ابنة رئيس الوزراء العراقي المعروف في العهد الملكي.. وبالرغم من القرابة التي تربطني بالخفاف.. الا إننا لم نكن متقاربين لا فكرياً ولا في العمل السياسي.

– لم أكن قد التقيتُ به لسنوات طويلة.. ألا أنه زارني في أوائل كانون الأول / ديسمبر / العام 1969 .. في مكتبي بوزارة التخطيط .. تلفتً يميناً ويساراً.. وقال بصوت خافت ومرتجف أن الاجتماعات تعقد بداري بمدينة المنصور.. وأنا عندما ألتقيكً هنا لا أخاطبك كقريب ليً فحسب.. بل كمسؤول لاتخاذ الإجراء اللازم.. وكل ما أريده.. هو أن أعطى الأمان وأن يسمح ليً بالسفر الى الكويت للعمل هناك

– واخذ يذكر أسماء العاملين في هذا التنظيم.. وهم: العقيد المتقاعد عبد الغني الراوي.. العقيد المتقاعد صالح مهدي السامرائي.. الملحق العسكري في بيروت في العهد الملكي.. النقيب فاضل الناهي.. ومرافق البكر المقدم فاضل البراك

– ويضيف جواد هاشم في مذكراته: هزتني خطورة تلك المعلومات.. فاندفعتُ حال خروج ابن خالتي الدكتور حسن الخفاف الى الرئيس البكر لنقل تلك المعلومات إليه.. وصلتُ القصر ظهراً ودخلتُ مكتب الرئيس.. وما أن بادرتُ بالحديث عن الموضوع حتى هبً البكر مقاطعاً (هذا موضوع تآمر وعسكر.. اذهب حالاً لمقابلة الرفيق أبو عدي (صدام) لبحث الموضوع معه.. وقادني عبر ممر داخلي الى غرفة صدام

– وما أن انتهيتُ.. حتى قال ليَ صدام: أرجو أن تشكر الدكتور حسن.. وسحب من درج قريب مبلغ ٢٠٠ دينار.. وطلب مني أن أسلمها الى الدكتور حسن.. واطلب منه أن يتعاون مع أبي رعد (سعدون شاكر) مدير مكتب العلاقات العامة.. وهو جهاز المخابرات آنذاك.. ليضعوا لاقطات لتسجيل ما يدور في اجتماعات المتآمرين

– التقيتُ أبن خالتي في صباح اليوم التالي في مكتبي في الوزارة.. سلمتهُ المبلغ.. وأبلغتهُ تقدير صدام لمبادرته.. وضرورة تعاونه في وضع اللاقطات في داره.. كان تجاوب حسن الخفاف كاملاً.. وفي يوم لاحق زرته في داره.. حيث طمأنني الى أن أدوات الإنصات مثبتة.. وكل شيء على ما يرام.. كان تقديري في ذلك الوقت.. أني قد قدمتُ خدمة الى الحزب والثورة.. وإن حسن الخفاف قد أمن على حياته بهذا التعاون مع النظام

وجاءت ساعة الصفر: (الثامنة مساء) يوم ٢٠ كانون الثاني / يناير / العام 1970.. وفتحت بوابة القصر الخارجية.. ليدخل السامرائي وزمرته.. ويستقبلهم فاضل البراك.. الذي استطاع اختراقهم.. مرحباً بهم مؤكداً لهم أن البكر معتقل في إحدى غرف الطابق الأرضي (السرداب)

– ودخل الجميع صالة الاستقبال الكبرى.. وما إن وقعت عينا العقيد صالح السامرائي على صورة الرئيس احمد حسن البكر المعلَّقة في الصالة.. حتى صاح بأحد جنوده.. يأمره بإنزال الصورة

– وفجأة دخل حرس القصر القاعة.. لإلقاء القبض على المتآمرين.. حاول السامرائي المقاومة.. وجرى تبادل لإطلاق النار.. فقُتل جنديان من حرس البكر.. ولم تطل المقاومة.. كما لم تطل محاكمة السامرائي

– فقد أصدرت هذه المحكمة خلال يومين فقط.. أحكاماً بالإعدام على أكثر من أربعين شخصاً.. ونُفذت الأحكام بإشرافه ومباشرةً

– لقد أثبتت الأيام كم كان جواد هاشم مخطئاً في تقديره.. فعلى الرغم من قيام الخفاف بإفشاء أسرار المحاولة والتعاون مع السلطة.. فقد ورد اسم حسن الخفاف في الوجبة الثانية من الذين نُفد فيهم حكم الإعدام

– ويضيف جواد هاشم قائلاً: عندما استفسرتُ من صدام عن ذلك.. ردً بكل بساطة قائلاً: لقد حدث “خطأ”.. لم أستطع تداركه في الوقت المناسب.. وهكذا أُعدم حسن الخفاف من جراء خطأ

آلية عمل المحكمة الخاصة

– آلية عمل المحكمة وكيفية التحقيق مع من ألقيً القبض عليه.. ذكرها أحمد الحبوبي في كتابه (ليلة الهرير في قصر النهاية) قائلاً: وقفنا وسط الصالة ننتظر.. ومرت لحظات وإذا بمجموعة من عسكريين ومدنيين يخرجون علينا من غرفة جانبية ويتجهون نحونا.. وسمعتُ الحارس الذي قادنا الى هذه القاعة يقول: (هذا سيادة رئيس المحكمة لحد يتحرك).. واتجهت أنظارنا نحو رئيس المحكمة وكان يتقدم المجموعة.. وإذ به ضابط برتبة رئيس أول.. اسمر اللون يميل الى الصفرة.. مربوع القامة ممتلئ الجسم حاسر الرأس.. يتدلى من وسطه مسدس.. هذا إذن رئيس المحكمة الخاصة الذي سيحاكمنا.. هذا هو طه الجزراوي

– وقف غير بعيد من دائرتنا ووقف بجانبه وخلفه مجموعة من الأفندية والضباط.. مرت لحظات والكل ينظر الى رئيس المحكمة ونطق أخيراً: موجها كلامه إلينا: اسمعوا..انتو مشتركين بالمؤامرة القذرة اعترفوا أحسن إلكم.. أمامكم ربع ساعة حتى تعترفوا.. ومصير اللي ما يعترف مثل هذوله.. اللي شفتوهم.. الآن معدومين بالساحة

– وهكذا جيء بالأشخاص على وجبات وبدقائق معدودة يصدر حكم الإعدام بهم وينفذ فوراً في الساحة .. ويبدو إن الحكم صدر عليهم مسبقاً حتى قبل اعتقالهم.. وإنما جيء بهم الى هنا للتنفيذ فقط.. وما يعلن في الإعلام الحكومي هو كذب في كذب.. فليس للمحكمة أي وجود

جريمة الدجيل

– تقع مدينة الدجيل على بعد 50 كيلومترا شمال بغداد،.. تحولت من مدينة تمتلئ بالبساتين والخضرة والجمال إلى مدينة للموت.. عندما قرر صدام حسين أن يمحوها بجرة قلم.. اثر محاولة لاغتياله العام 1982

– الواقع إن الأحداث بدأت بعد صعود صدام الى قيادة الدولة والحزب العام 1979.. حيث بدأ أول اعتقال جماعي.. وكان من بين من اعتقل أفراد عائلة محمود المجيد.. التي أخذ رجالها بالكامل.. بعد أن رفض والدهم هدية مقدمة من صدام.. عندما قال له إن هناك فقراء هم أكثر حاجة لها

– فتم اعتقاله وحكم عليه بالسجن سبع سنوات.. واستمرت الاعتقالات.. حيث تم إلقاء القبض على 1450 شخصاً من أبناء الدجيل.. التي لم يكن عدد سكانها يتجاوز 4000 نسمة

– وقد رحلت الأسر والأشخاص من غير المعدومين إلى مقرات المخابرات وسجن أبو غريب.. ثم إلى صحراء السماوة.. واسكنوا في العراء ثلاث سنوات.. وهناك مات العديد منهم من شدة الجوع أو المرض أو الظروف البيئية السيئة.. كان المجمع في عهدة مديرية أمن السماوة

– وبتوجيه من برزان التكريتي تمت تجريف 16 ألف دونم من الأراضي والبساتين بتوجيه وإشراف من قبل طه الجزراوي.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. بل تمت إزالة أهم معلم من معالم مدينة الدجيل.. وهو نهر الدجيل الذي يمتد عمره إلى 2500 سنة قبل الميلاد.. وتم تبليط شارع فوق النهر.. وهو ما اعتبره أهل المدينة (حالة الأعمار) الوحيدة التي قام بها صدام في هذه المدينة

– قررت مجموعة من شباب أهل الدجيل.. لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.. تنفيذ محاولة اغتيال صدام عندما دخل المدينة بسيارات مدرعة ودبابات وأسلحة غريبة الصنع والشكل.. لم يكن أهل المدينة قد أبصروها فيما سبق

– يبدو إن صدام قد أعد العدة للأمر.. وكأنه يعلم بالتفاصيل التي ستحصل.. فما أن أطلقت العيارات النارية باتجاه موكبه.. حتى ردت الحمايات الخاصة به على أماكن الرمي.. وسقط من سقط شهيداً..

– وبعد مدة لا تتجاوز النصف ساعة.. اعتلى صدام بناية المركز الطبي.. الذي ادخل فيه بعض أفراد الحماية لتلقي العلاج.. أثر إصابات في العملية.. هدد صدام: الانتقام أهل الدجيل

– أما عدد شهداء هذه العملية فكان (159) شهيداً.. والذين أعدموا في محاكمة واحدة (143)

– وفي محاكم أخرى أعداد أخرى أيضا.. وعدد المحجوزين اثر عملية الاغتيال (612).. اعتقلوا في مديرية أمن الدولة.. وعدد الأسر المعتقلة (78).. وعدد الأسر التي قتل رجالها بالكامل (5).. وعدد الذين ولدوا في السجن (13)

– وكان من ضمن المعتقلين الطفلان محمود ونجم الذين.. تم تغيير أعمارهم الى 25 سنة.. وأعدما مع الجميع.. وصودرت الأموال المنقولة وغير المنقولة.. وحفظت العقارات للبيع.. وقد شارك في عمليات الانتقام والتعذيب برزان التكريتي.. وطه الجزراوي.. وسمير الشيخلي

حكايتي.. مع طه الجزراوي

– منتصف العام 1981 عينتُ (أنا كاتب هذه المقالة د. هادي حسن عليوي).. مديراً لمكتب مجلة الأسبوع العربي والدولي في بغداد.. فهذه المجلة تصدر في بيروت.. ومؤيدة لنظام حافظ أسد.. وكانت علاقات العراق مع سورية سيئة جداً.. فإضافة الى الصراع الأيديولوجي والحزبي بين بعث سورية وبعث العراق.. ففي تموز العام 1979 اتهم رئيس النظام العراقي صدام حسين.. حافظ أسد بالتآمر على العراق.. واعدم 22 قيادياً بعثياً بسببه.. مما جعلني أن أكون حذراً جداً في كتاباتي التي أرسلها لهذه المجلة

– وازاء الانهيارات المتواصلة في جبهات القتال مع إيران العام 1982.. صدر قرار رئاسي بتشكيل: (قوات المهمات الخاصة في الجيش الشعبي)

– وعقد طه الجزراوي القائد العام للجيش الشعبي مؤتمراً صحفياً للتحدث عن هذه القوات.. وطبيعياً كنتُ حاضراً هذا المؤتمر.. وقدمتُ باسم المجلة أربعة أسئلة جوهرية.. وما أن قرأ سكرتيره (زهير صادق رضا الخالدي) أسئلتي.. حتى أخذ الخالدي يتساءل بصوت عالِ وبامتعاض واستنكار: (ما هذه الأسئلة؟؟.. ما هذه الأسئلة ؟؟؟).. تكهرب الجو في القاعة

– وهنا طلب طه الجزراوي أن يقف صاحب الأسئلة.. ويسأل مباشرة.. وقفتُ وسألتُ نفس أسئلتي.. وأوضحتُ إن المواطن العراقي لا يعرف ما هي هذه القوات ؟ وما هي مهماتها ؟ وبالتأكيد إن عقد هذا المؤتمر الصحفي من قبلكم جاء لتوضيح مثل هذه الأسئلة؟؟.. وأنا اعمل بمجلة عربية تتساءل ما هذه القوات؟.. ألا إن الجزراوي ظل متوتراً وملامح وجهه تدلُ على غضبٍ كبير

– المهم: أجاب الجزراوي على أسئلتي بتشنج واِقتضاب.. وبلغة لم يفهم أحد من إجابته شيئاً.. وسادً القاعة جو من التوتر والقلق

– ساعتين وانتهى المؤتمر وخرج الجميع.. وبقيتُ (أنا) جالساً في القاعة.. لتأكدي من اعتقالي.. فبدل أن أخرج وأهان بالممر.. أبقى جالساً حتى يخرج الجميع.. وليحدث ما يحدث.. إن الله كفيلٌ بعباده

– أكثر من عشرة دقائق مضت.. ولم يحدث أي شيء.. وحضر شخص لغلق باب القاعة.. فسألني: لماذا أنت باقٍ؟.. قلتُ له أصابني صداع فبقيتُ لأستريح.. وتركتُ المكان

– بعد مدة قصيرة توقفتً تماماً عن الكتابة للمجلة.. وشعرتُ بخطورة الاستمرار في العمل فيها.. فقدمتُ استقالتي منها مبرراً ذلك بوضعي الصحي السيئ.. وتركتُ العمل فيها

– أوائل آذار / مارس / العام 1983 وردً كتاب عاجل من طه الجزراوي (القائد العام للجيش الشعبي) إلى الشعبة الحزبية في منطقتنا.. يطلب فيه إلحاق (هادي حسن عليوي.. الساكن ضمن عمل شعبتكم.. في الدار المرقمة ………………… إلى احد قواطع الجيش الشعبي.. فوراَ).. ولم أجد نفسي إلا وثلاثة من الرفاق الحزبيين.. وقبل أن أدخل البيت.. يأخذوني بسيارتهم إلى شعبة الحزب

– في الصباح الباكر تم تسفيري إلى قاطع الجيش الشعبي مباشرة.. كان موقع قاطع الجيش الشعبي الذي ألحقتُ فيه يقع في مثلث الموت على الحدود العراقية الإيرانية التركية.. وعلى الجبل.. وننقل بالطائرة من كركوك إلى موقع القاطع.. وبالعكس

القمع الدموي لانتفاضة 1991

– كان طه الجزراوي أحد القياديين المسؤولين عن قمع الانتفاضة الشعبانية العام 1991.. وأنيطت بالجزراوي القوات الأخرى.. التي تولت قمع الانتفاضة من بغداد الى النجف وكربلاء والحلة والديوانية.. ولقد اشرف الجزراوي على عمليات قتل وإبادة للكثير من المواطنين.. وبالأخص في النجف والحلة

– ولعل الأحياء من المشاركين في تلك الانتفاضة يتذكرون مشاهد الجزراوي.. وهو يجمع المواطنين ورجال الدين ويأمر بقتلهم أو التنكيل بهم

– وروى شهود عيان كانوا على مقربة من طه الجزراوي لحظة تكليفه بقمع الانتفاضة الشعبانية في الحلة إن الجزراوي أمر بإعدام عدد من الشباب المشاركين في الانتفاضة.. فأعترض الفريق ماهر عبد الرشيد بقوة.. وحدثت مشادة حامية دارت بين الجزراوي وعبد الرشيد.. وان الأخير قال للجزراوي محتداً: أنا القائد العسكري.. وأنا من يدير المعركة.. وليس من حقك أن تقتل الناس بلا سبب

– العداء بين عزة الدوري وطه الجزراوي

– على اثر الانتفاضة الشعبانية شتاء 1991 بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت.. بدأ الجيش والاجهزة الامنية بالقضاء على انتفاضة العراقيين في الجنوب

– وقد اشترك اغلبية القياديين بتلك العمليات بصحبة القطعات العسكرية والامنية والحرس الجمهوري

– كان طه الجزراوي يقود محور {بابل} في تلكم الاحداث يساعده طارق عزيز

– اتهم {حسين كامل حسن المجيد} ومعه مؤيدا ومعاونا ومحرّضا {عزة الدوري} الرفيقين اعلاه بالتخاذل وقاما معا بتعنيفهما بشدة امام جموع الحرس والقادة العسكريين واحتراما للرئيس فقد سكتا على هذا التعنيف على مضض

 

انتخابات القيادة القطرية للحزب / العام 1991

– في تلك الانتخابات سقط الثنائي {طه – طارق}.. ولم يفوزا بفعل تأثيرات وشحن الثنائي عزة وحسين كامل

– وقد كررا الاحداث بقصد افشالهما في الانتخابات.. ونجحا ببساطة لما لحسين كامل {صهر الرئيس} من تأثير سلطوي على بقية كوادر الدولة والحزب

صدام حسين يتدخّل شخصيا

– تدخّل صدام شخصيا.. بعد فشلهما بالانتخابات.. وبعد المعاناة والتحقير والاستفزاز الى حد الطرد.. فاصدر قراره بإعادتهما الى القيادة رغما عن ذلك الفشل ومارسا من جديد مسؤولياتهما في الحزب والدولة {وهما يشعران ويعيشان} ذل الاهانة والتعنيف لتلك الحقبة

اعتقاله

– بعد سقوط النظام ودخول القوات الأمريكية في نيسان العام 2003 تم إلقاء القبض على الجزراوي في 19 آب / اغسطس / العام 2003 على يد القوات الكردية (البيشمركة)

محاكمته وإعدامه

– أحيل الجزراوي الى المحكمة الجنائية الخاصة لتتولى قضية الدجيل التي راح ضحيتها 143 شخصاً.. اثر مرور موكب صدام في مدينة الدجيل وتعرض موكبه لإطلاق النار.. فقامت قوات الأمن بإلقاء القبض وإعدام المدنيين.. التي تورط بها طه الجزراوي كما أسلفنا.. وقد تمت إدانته والحكم عليه بالسجن المؤبد في 5 كانون الأول / ديسمبر / 2006

– إلا أن محكمة التمييز رفضت الحكم بحق الجزراوي لليونته.. وطالبت بعقوبة الإعدام له.. وقد تم إقرار هذا الحكم في 12 شباط 2007.. وفي فجر يوم الثلاثاء 20 آذار 2007.. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بطه الجزراوي

________________

– الصورة الاولى: طه الجزراوي

– الصورة الثانية : أنا د. هادي حسن عليوي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *