لو لملم الشاعر…
أوراقه
وجنونه
وعكازه اليتيم
وقلمه الحزين..
ومرّ!
لو أنه خاط بنطاله الأسود الممزق الوحيد
وهش بعكازه …
الغراب الذي في مخيلته
ومرّ!
لو أنه توقف عن القاء اشعاره البائسة ..
عن الحرب
والجوع.
والنساء الغجريات.
لو أن الشاعر…
مرّ بسلام!
لو أندلقت الكؤوس ..
وأغلق النادل الحانة قبل هطول المطر.
كان سيأتي..
ويجد الاضواء خافتة
كان سيأتي..
ولن يسمع ضجيج في الداخل
كان سيأتي..
أو ربما يلاقي احد الندماء في الطريق.
ويمرّ بسلام.
لو توقف لبعض الوقت
واستمتع ببهجة
للمهرجين ..
الذين يرتدون أقنعة سريالية!
كان سيشاهد أحدهم يخرج أرنبا من قبعته.
كان سيرى أحد المهرجين يأكل النار.
كان سيضحك كالطفل..
ويبكي…
وقد ينسى أوراقه،
وقصائده،
وقلمه الحزين
على إحدى المصاطب.
ويمرّ بسلام.
كيف نغني في الباحة
واصوات صفير الإنذارات تدوي..
والإذاعة مشوشة
إلا من خطب التخدير
التي تنذر بالغرق.
الناي لم يتعلم لغة البكاء من طائر الكروان
الناي لم يتعلم ثقب القلب من ذاكرة المودعين
الناي تعلم البكاء..
نيابة عن كل المتعجرفين
وأخرين لم يجدوا وقتا للبكاء!
لو تخلى الشعراء عن الشعر
لو فرّ الشعر!
ولو بمقدار النجاة من نزق الشعراء ..
بسهولة سيتقن الشعراء مهنا أخرى
قد يصير الشاعر حطابا ماهرا
ولن ينجُ ابدا من ذنب دق عنق الشجر
قد يصير الشاعر قبطانا جيدا
ولن ينجُ ابدا من محاولة ركوب الموج
والغرق…
قد يصير الشاعر محصل تذاكر في إحدى القطارات المنهكة..
ولن ينجُ ابدا من نزيف المحطات.
لو أن الشاعر
مرّ بسلام..
أو تواطأ النادل مع المطر،
وأغلق الحانة قبل قدومه..
لم تكن لتذرف كل تلك الدموع…