كان مولانا “أبو سعيد” متصوفاً كبيراً عاش في شمال شرق فارس، وفي أحد الأيام وبينما كان مولانا ماراً بصحبة بعض تلاميذه في أحد الأزقة عضّ كلب ثوب أحد الدراويش فقام الدرويش بضرب الكلب بعكازه !

ذهب الكلب إلى ” أبي سعيد” وشكا الرجل له، فما كان من ” أبي سعيد” إلا ان دعا الكلب كي يعضه هو تعويضًا منه عما بدر من الدرويش في أذية مخلوق آخر.

فتذمر الكلب من الحكم غير العادل برأيه، إذ إنه طالما شاهد هذا الصوفي بلباس الدروشة فخيل إليه أنه باستطاعته عضّ طرف ثوبه بحرية دون خوف من أن يُضرب، فلو كان الرجل يرتدي العباءة التي كان يرتديها باقي الناس لكان الكلب مضى في طريقة مبتعداً عنه.

لست هنا بصدد الحديث عن الطريقة الصوفية، او عن القصة أعلاه فيما اذا كانت خرافية أو ما الى ذلك، انما هنا لأتساءل ياتُرى في كم مرة وفي موقف ارتدينا ثوباً غير ثوبنا الحقيقي، كم مرةً مارساً النفاق كي نكسِب قلباً، كم مرةً كذبنا كي نكون صادقين، كم مرةً بِعنا صديقاً بِكلماتٍ عابرة لشراء أخر.

كم رجل دين أرتدى ثوب يحرم فيه الموسيقى، ثم عاد ليرتدي ثوباً أخر يُحلل فيه الموسيقى نفسها، مابين الثوبين هو عارٍ لا يرتدي شيءً سوى حشواً من الوهم عبئتهُ السلطات في رأسهِ تارةً، والنفاق في سبيل مصلحته تارةً أخرى.

الأنسان يحركه عقله، والحيوان تحركه غريزته، لكن نجد احياناً ثمة بشريون قد كفروا بنعمة عقلهم فتحيونوا كالذي يرمي الأوساخ في الطريق تحسباً منه ان هناك كناسيّ طرق عملهم التنظيف خلفه عنده تحول سلوكه البشري الى سلوك حيواني، أو كالذي يصرخ في وجهِ زوجته في الحافلة او في السوق، او تماماً مثل الذي يرى الموت في سبيل الله هو أحق من الحياة في سبيله.

الثوب الذي لا يعجبك وليس قياسك هو محجوزاً لشخصٍ أخر، لا تحاول التمرد على هيكل جسمك وعقلك وتسترهما بثوبٍ لا يناسبك لانه سيغدو أشبه بشبكةِ صيد السمك مليء بالثقوب، وقتذاك سترى الناس عورتك(جهلك) وتكون من الخاسرين.

ليرتدي كلٌ منا ثوبه وفكره، ويحرص على ان يكون ذو مبدأً في الظاهر والباطن أمام ذاته قبل الأخرين فقد أكّد الكلب ان الحل المناسب كان في نزع ثوب الدرويش الذي يرتديه حتى لا ينخدع به الآخرون !

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *