اكثر احداثنا التاريخية المفصلية باتت مادة للتناحر والتندر والهوس الانفعالي ومكاشفة المبطن من انتمائتنا الفرعية المقرفة ,شيب وشباب يلتقطون قط هواتفهم ليستسهلوا لغة اللعن المجانية دونما ادنى شعور بضرورة القراءة الموضوعية للحدث , معظمهم يستند لموقف شخصي او اعجاب متوارث غير مكترث باهمية الاطلاع على الاضداد والرؤى المتباينة لزعيم او شخصية سياسية اتت ضمن سياق تاريخي , وانقلابات ثورية فكرية وسياسية عصفت بالمنطقة , المتتبع لذلك الحراك يجزم ان الصيرورة التاريخية حتمت بزوغ تغير سياسي ينتظره العراق , ينتقد علي الوردي قراءة التاريخ برؤية افراد انفعالين يستنطقون الماضي باشكالية التعاطي الاني المنبثق من موقف وليد المرحلة الراهنة ,
وما اود قوله في ظل احتدام النقاش عن ملائكية الزعيم عبد الكريم قاسم او وحشيته !! هو اختزال الحدث بالرؤية القاصرة بين الابيض والاسود ,, ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نصنف البشر عموما بهذه الثنائية القاصرة ,, نعم ان هناك ثوابت انسانية ووطنية ومبدئية , لكن حتى تلك الثوابت تحتاج الى معايير متوازنة , اذن فالخضوع الى البحث الاستدلالي البعيد عن الشخصنة المسبقة يجعلنا ضمن مجاميع الاميين !! فتطور المجتمعات هو نتاج الغايات السليمة والقراءات الناضجة التي تقتفي الاثر يحيادية العليم المتبع اصول الاكتشاف وليس الانحدار الى لغة العامة وجنون صراع الديكة .
كلفت قبل اعوام لانتاج فلم عن حياة عبد الكريم قاسم , حاولت اتباع الاساليب الرصينة في التحري , التقيت محبيه وافراد عائلته وكذلك دونت اراء المنتقدين , التهمت بحرص الكثير من المصادر والتقطت بعض الاحداث لأضعها ضمن مجهر التشريح الجدلي , لا ازعم ابدا انني ادركت حقيقة الرجل ,,, لكن الوثائق والمدونات لم تنسب له سيناريو واضح لقتل العائلة المالكة , هذا لا يمنع من كونه عسكري له طباع غير محمودة , لا يملك رؤية اصلاحية شاملة ومنفتحة يتصف بالانفعالية ومحاولة التفرد ولم يكن من المهتمين بتطبيق الديموقراطية او لم يكن ذا علم بجدواها وفاعليتها , انه ابن ظرف مهيمن وهو وليد امتعاض لا ينكر على غياب العدالة وفساد العائلة المالكة وعنجهية الوصي انذاك , مع خيبة امل في اصلاحات وزارية حقيقية , لابد هنا ان لا يفهم كلامي ان ما حصل بعد تموز هي نجاحات جوهرية لكنها كانت نسبيا تتجه لتطبيق فكرة العدالة وان كانت قاصرة وسريعة وانتهت بسلسلة انقلابات مهدت لحكم صدامي اتقن الاذلال والتجهيل ,, !!