هناك وهم عربي كبير، في التعاطي مع الأمريكي مع إيران. وجاءت الزيارة الرئاسية الامريكية لجو بايدن لتعزز حقيقة فرض واقع التعاطي الخليجي الإيجابي، وربما الولائي أحيانا، مع إيران، اذ جرى الإسراع في الابراق الخليجي الى طهران بأن تصحيح العلاقات وتعزيزها هو الهدف المنشود مع استقرار التمثيل الدبلوماسي، فضلاً عن ان المباحثات السعودية الإيرانية جرت جولاتها الخمس في بغداد من اجل التقارب الإقليمي وليس للتحشيد الدولي ضد طرف يجري التحاور معه بشأن مشكلات مشتركة او منفردة.
الحقيقة الأولى التي تغيب في الضجيج الإعلامي غالباً هي انّ إيران ليست أولوية أمريكية إلا تحت شعار واحد مرفوع عبر ثلاث إدارات في البيت الأبيض مفاده منع طهران من الحصول على السلاح النووي المرتبط بالالتزام للمحافظـة على أمن إسرائيل. غير ان هذا الشعار يتآكل ذاتيا ذلك ان طهران تمضي من زدون انتظار انجاز الاتفاق النووي المعلق نحو زيادة التخصيب القريب من النسبة الكفيلة لتصنيع السلاح النووي، فيما لا تبدو شروط واشنطن على ايران العتبة التي لا يمكن تجاوزها او اجتيازها على نحو ادق مع تضعضع أولويات واشنطن اثر بروز ازمتي الطاقة العالمية وحرب اوكرانيا وما يتصل بها ، ولا يبدو انَّ ايران ستقف طويلاً عند مطلبها رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة التصنيف الإرهابي، لأنها تتصرف تحت غطاء الدولة في المهمات التي تستعصي عليها، كما انَّ هناك جهات كثيرة على قائمة الإرهاب الإقليمي أو الأمريكي أو الدولي من دون ان يعني ذلك الكثير.
هناك معطيات كثيرة تشير الى انّ السعودية تدرك جيداً ما هي حدود الالتزام الأمريكي بدعمها في النواحي كافة وأبرزها الجانب العسكري، مثلما تدرك ان زعيم الدولة الأعظم يأتي اليها من اجل ضمان الحلول لمشاكل أمريكية لاسيما في ملف الطاقة وليس من أجل حل مشاكل المنطقة العصية عن الحلول الفورية والفوقية أيضاً. ولكن لا مناص من التعاطي الإيجابي مع القوة الأعظم، لكن ذلك لابد ان يستند الى أوراق قوة يجب توافرها في ايدي العرب، وعلى مَن لا يملك تلك الأوراق طلب الدفء من موقد حطب مقولة بايدن: جئنا الى المنطقة لتصحيح الأخطاء