جميعنا شاهد طريقة استقبال الرئيس الأمريكي في المملكة العربية السعودية، وهي طريقة تشعرك بالفخر والاعتزاز والكبرياء من قيادة دولة عربية تجاه رئيس أكبر دولة في العالم. إذ تعاملت المملكة العربية السعودية بالمثل، أو كما تتصرف هذه الدول مع القادة العرب في استقبالهم هناك. وقد لايكون الأمر نفسه عند جميع القادة العرب، فالرئيس الفلسطيني الذي خرج إلينا في الإعلام مراراً وتكراراً بقوله: أنَّه لن يتعامل بعدُ بالمبادرات الأمريكية في حلِّ الدولتين، لكنك سرعان ماتراه يجري مُسرعاً خلف كل مبادرة أمريكية، أو أوربية يُعلن عنها متناسياً ما قاله في أوقات سابقة، وهذه المعطيات لاتمرُّ على أصحاب القرار السياسي في الغرب مرور الكرام، بل تخضع لفحص وتحليل من قبل أعلام الفكر السياسي هناك وتتخذ بموجبها الإستراتيجيات بعيدة المدى في عمليات التعاطي مع الأحداث والقيادات السياسية واتخاذ القرارات بشأنها.
وينبغي أن لاننسى مايمثله حسن الأستقبال والحفاوة عند العرب القدامى من أهمية كبيرة في تبادل العلاقات بينهم، أو بين الشعوب الأخرى. وإنْ شكَّلتْ هذه الصورة تواضعاً ملحوظاُ في زمن الرسول الأعظم (ص)، والخلافة الراشدة بسبب تعاليم الإسلام السمحاء التي بُنيت على أساس المساواة بين بني البشر، وأنْ (لافرق بين عربي وأعجمي إلَّا بالتقوى)، ولكن تنقل لنا الروايات أنَّ الخليفة الثاني( رض) ركب بغلةً وسار بها إلى دمشق زائراً، وقد كان عليها معاوية بن أبي سفيان والياً، إذ استقبلهُ الأخير بموكبٍ مهيب، استاء بسببه الخليفة الثاني؛ لأنَّ ذلك ليس من مظاهر الحكم الإسلامي، وكان عمر بن الخطاب(رض) شديد المراس على مخالفيه، بيد إنَّ معاوية أجابه بدهائهِ المعروف قائلاً: يا أمير المؤمنين إستقبلتك بتلك الحال؛ لأنَّنا نجاور الروم، وأردتُ أن أُريهم مظاهر السلطان عندنا.
فسكت الخليفة الثاني عنه، كأنَّهُ اقتنع بالجواب.
إذاً، عدم إستقبال القادة العرب بتلك الكيفية التي يتطلبها العرف من ناحية الإحترام في السياقات الدولية أثار حفيظة القادة البارزين ومن أبرزهم ملوك السعودية المعروفين بالشدَّة والغلظة وعدم التراجع أمام الخصوم. ولاشكَّ أنَّ ذلك من الحسنات التي ينبغي أن يتحلى بها أي قائد أو رئيس لشعبٍ ما، يريد الحفاظ على حقوق بلده من الضياع، أو الإستهانة بها من قبل الغير هو أن يحمل في نفسه كاريزما القيادة التي تفرض على الآخر احترامه وعدم التفريط به كلاعب سياسي في المنطقة والعالم على حدٍّ سواء. وقد يكون درس المملكة العربية السعودية مع الرئيس الأمريكي أبلغ رسالة للعرب في أن يتعلموا منها كيفية التعامل مع الدول الكبرى، وأن المصالح المتبادلة لاتصان إلَّا بقيادات قويةٍ وشجاعة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *