الرئاسة مؤسسة، وتكون اعمار المؤسسات، في الاغلب اطول و أبقى من إعمار رؤساء المؤسسات، هذا في حال اختيار التعويل على مسار عمل مستقر لا يتأثر بمجيء فرد و ذهاب آخر، وهذا لا يعني ان تصاب المؤسسة ببلادة الجمود، فالسياسية مجال حيوي مواكب متطور، و هو امر نسبي يزيد و يقل بحسب الدور و القدرات و الطموح.
لن يبقى العراق بلا رئيس جمهورية، مع ان قسما كبيرا من الحريصين على حسم ملف الرئيس لا شغل لهم به الا ليكلف رئيس وزراء جديدا او سابقا او يجدد لرئيس الوزراء الحالي، ليس هذا تصريحا مني عن هوية الرئيس الحزبية ذلك ان العراق الحالي ذا الصراع الحالي يحتمل وضعه كل الامور في التفاوضات التي قد تؤدي لنتائج ابعد او اقرب من اغلب التصريحات التي توهم الإعلام غالبا بحقيقة الامور، وهذا امر يؤسف له، فليس من الحنكة بمكان تعمد إيهام الجمهور بخبر متعمد فيه عدم الدقة، فذلك يفقد الثقة و يُصعِّب استردادها.
يبدو جليا ان اختبار اختيار القالب الديمقراطي في العراق قد كشف نقاط ضعف بعضها ذاتي و بعضها موضوعي، بمعنى ادق فحتى الآلية الوحيدة التي جرى استلالها من الديمقراطية و هي الانتخاب لم تسلم من عيب الخرق و الاتهام بالتلاعب بحسب ادعاءات خصوم النتائج، بل ان الإكراه في التصويت يخرج الانتخاب من كونه حرا او ديمقراطيا من اصله إلى اصل آخر غايته التحجج بعنوان لخلق مركز قانوني مشوه المحتوى.
يلاحظ الشعب العراقي تكرار سيناريوهات السنوات السابقة مع كل موسم انتخابات مع فارق في ازدياد مدد التفاوض التي تتجاوز المدد الدستورية يرافق ذلك حملات إعلام موجه يصدر الأزمات بغية الحفاظ على توريد مكاسب تحيطها الشبهات.
كنت قد كتبت قبل و الان و صرحت في اكثر من مقال و حديث للإعلام ان الامور قد استقرت للان على فهم للأمور يصور الرضا الحزبي معيارا مطلقا للرضا الشعبي و الاستحقاقات الحقيقية، بينما الامور ليست كذلك أبداً و لا ينبغي ان تكون كذلك، وليس سرا ان قوى بذاتها صارت أقوى من السلطة الرسمية و تعمل بدعاية حرص مفتعل على السلطة طالما استمر تخدامهما او طالما احست هي او احست السلطة بحاجة لتسوية تاكتيكية للإبقاء على صيغة الفائدة التي باتت تجنيها قوى محسوسة في الشارع العراقي فيما اصيبت بعض مفاصل السلطة بعدوى تلك القوى فصارت اقرب لعمل قوة ليس من الرسمية في شيء، بل هي فئوية الاداء على حساب موارد الدولة.
ان تصدير محتوى حزبيا للشارع عبر اخبار و عناوين لقياديين هم في الحقيقة متطوعون للكلام، مثل هذا التصدير لا يعكس واقعا صحيا سلميا للعمل السياسي العراقي.لينتبه الشركاء جيدا لمآلات الامور التي تختصر وضع العراق بثلاثية رئيس الجمهورية و الحكومة و الموازنة، وهذا الاختصار سيكون دقيقا لو ان القوى الفعلية لا تتقاسمها قوى أعمق في الدولة من الدولة نفسها.المسار السياسي الحالي او ما وصل اليه حاليا هو محصلة التصوير الإنشائي و التسطير المجانب للدقة و الحقيقة التي ازدحمت بها ذاكرة و تطلعات العراقيين قبل و بعد تبدل نظام تموز1968 و هي ذاكرة ابعد ما تكون عن المتحقق خلال العقدين الماضيين.ان التعويل على نعمة النسيان الشعبي قد لا تعني الا عدم الإخلاص.اننا اذ نكتب و نصرح و نعمل، فليقيننا ان المصارحة افضل، و ان الخبرة لايجود كتمها او انفاقها بغير مكانها، فكيف ان كانت مع الشعب؟.المسار السياسي يجب ان تنبض فيه حياة الدستور و محددات القوانين و غاية اللوائح التنظيمية وان يكون الأشخاص المناط بهم تنفيذه خلاقين في تفعيل افضل وسائل تطبيقها سعيا وراء نهضة موجودة و تكون في الواقع لا في خيال مزاجي ناتج اعتماده ضياع مسار اغلب الفئات المجتمعية.ان المسار السياسي الداخلي الراهن الذي وفر مساحة تدخل مسار سياسي خارجي اثمر من متبلد الأجواء ثمارا تنذر بحريق يشعله الذين لم يخلقوا مرجعية وطنية و الذين دفعوا في الواقع مقدرات البلاد نحو أحلاف لا تقيم لهم وزنا، فبمقياس القوى الذي يتباهى به الموهومون فأن نقاط ضعفهم المعروفة تجعلهم أيد عاملة رخيصة و هم احرار بتوجههم على ان لا يسحبوا معهم بلدا بأكمله.
اننا في كردستان لا نزال نعول على شراكة لا تتأثر الا بدعاية العمل الذي يستحق الاحترام و يستحقه شعبنا بكل هوياته.
{ سكرتير المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.