للفساد أبوّة أو أبوّات مصرفية شرهة تستقبل المليارات المنهوبة من مواطن الفساد , المنكوبة بأولاد البنوك المفترسة لوجود البلاد والعباد , وآلتهم فيها أبناؤها الفاسدون , المؤهلون للإنتقام من ذاتهم وموضوعهم , وهم في غيّهم سادرون.
أولاد البنوك المُسيَّرون وفقا لأجندات الإستنزاف المتواصل الشديد , لثروات أي بلاد شاءت شعوبها أن يقودونها بعد أن فوضوا تقرير مصيرهم لها , وفقا لذرائع الديمقراطية المستوردة من بلاد المتأسدين في غابات الوجود الدولي المتأين الأقطاب.
فالفساد في أي مكان بحاجة لعمود فقري يسنده ورأس يتدبره , وقوة تحميه وتضخه بأدوات الإنجاز الآمن , والتنفيذ المبارك إعلاميا وسلطويا ودينيا , لكي يكون الحرام حلالا والجرم عدلا وحزما , ولابد من سلوكيات التمويه وتعميم درجاته على مستويات متعددة حتى تضيع خيوط اللعبة.
والهدف الأساسي من الفساد هو النهب , وكل وسيلة توصل إلى تلك الغاية يتم الإستثمار فيها وتسويغها , وإيجاد المبررات المتراكمة لتمريرها , ولهذا تجد في بعض الدول الفاسدة الفاشلة , أنها توزع الأموال بإغداق على أناسٍ لا يستحقونها ويعيشون في البلدان الراعية للفساد , وفقا لقوانين وذرائع مجحفة وأضاليل مقرفة , وتسري قوانينها وتمضي في مسيرة الإتلاف الشديد , وبنوك تلك الدول تترعرع على أموال المساكين الذين لا يجدون لقمة يوم واحد في ديار النهب والسلب والفساد العميم.
إنها لعبة معقدة ذات تداعيات خطيرة , لكنها مستمرة وستكون متوارثة لربحيتها العالية , ولتوفر الجنود المناضلين الأفذاذ الساعين لتأمين برامج الإنتهاب والإستلاب ومصادرة حقوق الناس , وإمتصاص رحيق وجودهم ومعاني حياتهم.
ولهذا فالقول بمعالجة الفساد بواسطة أدواته , ضحك على الآخرين , وإيهام بأن الفاسد ومهندس الفساد يسعيان لإصلاح الأمور , وما يأتي به فساد يساند فساد , وكأنه يزيد الطين بلة , أو يصب الزيت فوق النار , فلا تصدّقوا أي معالجة للفساد , لأن الفاسد لا يعالج فسادا , فهل وجدتم سارقا يلعن نفسه ويعيد المسروقات إلى أصحابها؟
إن الفساد بحاجة إلى حكومات قطاع طرق , وما أكثرها في بلدان النفط المبيد!!