أبشع ما يعانيه الانسان أن يحاسب على ذنب لم يقترفه ، وأبشع منه أن يكون ضحية تهمة باطلة على يد جلاد لا يرحم .
وظيفة هذا الجلاد أن يكون رقيبا على أبناء وطنه ، يترصد خطواتهم ويتتبع أحاديثهم ويسترق السمع حتى على همساتهم ، فاذا ما اصطاد أعوانه الفريسة ألقوها بين يديه ليبدأ معها تصفية الحساب .
تقسم الضحية أغلظ الايمان أنها تجهل التهمة الموجهة اليها غير أن الجلاد يصر بأن الذنب عظيم وأنها خيانة تهدد الوطن وأمنه .
يفعل الجلاد كل ما بوسعه لاشاعة الرعب على شخص الضحية المستسلمة لقدرها التي تتوجس الخوف والحذر من كل حركة تحيط بها ، الا أن الجلاد لا تأخذه رحمة ولا تهتز له شعرة وهو يواجه ضحيته بالافتراء عليه أولا ثم محاولة الانقضاض عليه بالتعذيب النفسي والبدني ليأخذ الاعتراف منه قسرا .
ان مثل هذه الصورة تتكرر بين حين وحين على مسرح الواقع في وطننا وفي أوطان أخرى، ذلك أن الجلاد يستمد قوته من نوع النظام الذي تقوم عليه الدولة ، وهو بالتالي يمارس عمله كأنما هو في حماية هذا النظام ضد كل من تسول نفسه بابداء رأي مناهض أو قول كلمة حق .
جعلت السجون للمجرمين ولكن كم من الأبرياء تغص بهم السجون ؟ كم منهم تلقى شتى أنواع العذاب على يد جلاده الذي لم تأخذه به شفقة وهو يعلم أن ضحيته بريئة ؟
كيف يكون نوع الظلم والضحية تشكو الى خالقها اساءة الانسان الى الانسان بغير وجه حق ؟
حينما تأخذ العدالة طريقها الصائب فا ن ذلك مما يسر النفس ويرضي الضمير والوجدان ، غير أنه حينما يكون العبث بالعدالة مشهدا مألوفا فذلك مما يثير الفزع .
ألا يثير حزنك مصرع الرجال وهم تحت طائلة جلاديهم ينتزعون منهم الاعترافات قسرا ثم ليجهزوا عليهم أخر الأمر بعد تعذيب بشع ثم ليتبين فيما بعد أنهم ضحايا أبرياء ليس غير ؟
كم من هؤلاء قضوا نحبهم على هذه الصورة البشعة طيلة عقود مضت ؟
ومع ذلك فما تزال لعبة الجلاد مع الضحية لعبة سياسية أولا وأخيرا غايتها أن يطمئن الحاكم على كرسيه من غير أن يزعجه أحد .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *