المراقب للمشهد السياسي العراقي الراهن يلحظ بقاء التشكيلات والقوى السياسية التقليدية على الرغم من وصول البلاد إلى النهايات المأساوية جراء ارتكابها أشد الحماقات ؛ تلك القوى الجاثمة التي لا تفقه في الغالب إبجديات العمل السياسي وأحرف الدولة الأولى ,فضلاً عن بناء دولة عصرية قادرة على النهوض والإستمرار وتحقيق إكتفائها الذاتي ,ما يضع علامات إستفهام كبيرة في الكيفية التي مكنتها من “التسلق والتملق” و بلوغ مقاصدها في تسنم مواقع ومسؤوليات جسيمة على الرغم من إعتراف البعض منها أنها غير قادرة على مواجهة التحديات المتلاحقة والأحداث الإقليمية والدولية العاصفة , ومما يشي برجعية هذه القوى السياسية معارضتها لكل المبادرات الإصلاحية الحقيقية ,وأود هنا توضيح هذه النقطة (المبادرات الإصلاحية الحقيقية) التي أعني بها الخطوات الجوهرية في بناء الدول الناهضة من قبيل قوانين الإستثمار والضرائب والتعرفة الكمركية وإصلاح القضاء وحرية العمل النقابي وحرية التعبير والصحافة وإبداء الرأي والتوزيع العادل الحقيقي للثروات وتحطيم الطبقيات السياسية و الإجتماعية والدعوة إلى الإقتصاد الرصين والسوق الحر وحقوق الطفل والمراءة وحق السكن والأمن والعيش بكرامة …إلخ ,فهذه القوى تنشط فقط في المحافظة على إرستقراطيتها السياسية والإجتماعية ومستعمراتها الداخلية وقصورها وتفكر بجدية وبشعور وطني عال !! بأصهارها وأبناء أصهارها عملاً بترنيمة ( الأقربون أولى بالمصروف) !!!!.

وحتى لا نبخس حق هذه القوى السياسة المتنفذة واللاحقة بركب المتنفذة من القوى الصغيرة في نظرتها الثاقبة !! ,فهي تمتلك رؤية و أيديولوجية الا أنها من طراز “من يعارض رؤيتي فهو منافق ومتآمر ومتخلف ويقف بالضد من العملية السياسية والتحول الديمقراطي” وتسعى من خلال أبواقها وطباليها الماهرين إلى مناهضة كل من يتعارض مع منهجيتها السياسية حتى وأن كان ينشد التغيير او التقدم في المجتمع ,ومن المؤشر لدى المراقبون أنها تمارس نوعاً من “الدجل السياسي والإزدواجية المعراة” من خلال رفعها لألوية التغيير في العلن ,ومعارضتها لأي منحى إصلاحي في الكواليس وخلف الستار ,والدليل على ذلك لم نسمع قط خروج مسؤول سياسي متخم بالمال العام شامخ الأنف وأعترف بوجود فاسدين في حزبه أو كتلته السياسية ,وأتحدى وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمقرؤة أن ترشدني إلى وجود مسؤول من هذا الطراز ؛ أذن من سرق المليارات وهربها إلى خارج البلاد ومن سعى بتهديم الإقتصاد العراقي؟ وفتح الحدود على مصراعيها لدول إقليمية وغير إقليمية ؟ من تستر على المافيات التي سرقت البنوك ؟ طبعا ستكون الإجابة هنالك” شخصيات ودول ضالعة” بذلك ,وأن اللجان النيابية والرقابية المشكلة ستكشف للرأي العام النتائج قريباً ووووو يستمر المسلسل التخديري والتبريري لسنين طويلة ,وما أن تتشكل اللجنة لأمر ما ,حتى يصار إلى تشكيل لجنة أخرى لأمر جلل آخر أشد أهمية كما يزعمون وهكذا دواليك .

لعمري أن جائحة العراق الصحية تنتهي بلقاح وإجراءات سلامة صحية إلا أن الجائحة السياسية أشد فتكاً ولا نهاية لأمدها ولا مصل ولا لقاح ناجع للحد منها ما يعني أن لا خلاص إلا بتنظيم الوعي السياسي الجمعي وتعزيزه وعزل القوى الفاسدة وإلا سنشهد لحضة “محو العراق” .

المشكلة الأخرى التي تواجه حملة الأقلام والفكر الحريصين على بلادهم التي عاشوا على أديمها والذين يحاولون جاهدين إستنهاض الهمم ؛ أن الرأي العام يكاد يكون في واد وهم في واد آخر , فأصحاب الأقلام الوطنية يستمدون عزيمتهم من الشعب الواعي المدرك ومن تعاطيه الإيجابي مع ما يطرحون من قضايا مصيرية ويحذرون من كوارث قد تحدث غير محمودة العواقب ,الحل بأيدينا جميعاً ؛أن نتحرى الدقة في إختيار عناصر وطنية من ذوي الإختصاص والكفاءة بعيداً عن الفئوية والمناطقية والعشائرية ,أن لم يكن هذا “خيارنا ” القادم سنرى أيام عجاف أكثر ألماً وضياع

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *