“لا أعلم بدونك ما كنتُ سأكون عليه اليوم”
لطالما قلتُ لكِ هذه الجملة، ولطالما أخبرتكِ أنكِ هديةُ جبرٍ من الله لي، وأنتِ كذلكَ فِعلًا!
فعلتِ ما لم يفعله مخلوقٌ في الدنيا معي، قبِلتِني كما أنا، بضعفي وهواني، بقلةِ حيلتي وضعفِ الأمل بنجاتي مما كان يحاصرني، بل وتحدَّيتِ كل ذلك لِأجل أن تريني قويةً لا أنكسر.
كنتِ الأوكسيجين الذي نقُصَ وبخِلَت عليَّ الحياة به فأماتَت ما أماتَت من الخلايا الحركية في دماغي حتى قيل أنَّ المشيَ على قدميَّ سيكون حلمًا مستحيل الحدوث!
كنتِ الأمل الذي رفض تصديق أنَّ المستحيل قد يكون ثابِتًا في حياتي، فانتزعتِه بإصرارك وإيمانك بقدرةِ الخالق وجعلتِه نسيًا منسِيًّا، علمتِني كيف أدوس عليه بقدمَيَّ حينما خطوتُ أولى خطواتي بعد سنواتٍ طِوالٍ من التعبِ والجدِّ والإصرار.
علمتِني كيف أتحدى ذاتي قبل كلِّ شيء، أن أُسَوِّي اعوِجاجات روحي، أن أُقَوِّم التفافاتِ أفكاري التي تسحبني دومًا للدركِ الأسفل من اليأسِ والإحباط، أن أتمسكَ بالأملِ حتى آخر قطرةِ من الاستطاعة،
علَّمتِني أن أحارِبَ لأجل ما أريد، أن أتعامَى عن كل ما يُؤذيني، أن أصُمَّ السمعَ عن كلِّ من يكسِر قلبي بكلامٍ فظٍّ لا يُحتمَل.
أخبرتِني بأنني جميلة، بل وجميلةٌ جدًّا حدَّ أنَّ الله ميَّزني عن غيري، واصطفاني باختِلافي لأعلم كم يحبني.
علَّمتِني كيف أُحبَّ نفسي كما هي حتى لو لم يحبها أحد، أن أتقبَّلها حتى لو لن يتقبَّلها أحد، أن أصدِّقها وأحميها وأحتويها، هي أنا ولا أملِكُ في الدنيا سِواها وقلبكِ!
شعرتُ اليوم برغبةٍ مُلِحَّةٍ لأن أكتب لكِ، لأخبركِ بأنكِ مني الروحُ وبدونكِ لا حياة لي!
أردتُ إخباركِ بأني أحبكِ كل يوم، وبأن يومًا لا أبدأه برفقتكِ ليس كامِلًا، وبأن حروفًا لم تُنسَج لأجلِكِ فلا جمال يبهرُني بها، أولستِ أنتِ من جعل الحروف جزءً لا يتجزأُ من كياني؟
أولستِ أنتِ من علمني الرقص مع الكلمات على أنغامِ نبضي وشعوري؟
أولستِ أنتِ من أغرقني بعشق الكتابة؟
إليكِ إذن كلُّ ما أكتبُ، وكلَّ حبٍّ بقلبي لكِ فأنتِ مني الروح وكل كلماتِ اللغة بضخامة عددها لا تعطيكِ حقَّكِ فيما فعلتِ وما لم تفعلي بعد!
أحبكِ دومًا أمي.