المسار العام في العراق كان انحدارياً، والتسجيلات المسربة ليست سبباً جوهرياً في اتجاهه نحو حافة الهاوية، فما كان مستتراً عن الشعب وأظهرته التسجيلات، هو امر عادي وشائع التداول بين القيادات والزعامات السياسية، ويعرف كل طرف وجهة نظر الاخرين فيه، والجميع متضامنون على ان يظهروا في لقطة الصورة أمام الشعب مبتسمين، فيما قلوبهم شتى، ومليشياتهم ومكائدهم شتى.
هل كان العراق بعد هذه النكسات اليومية متجهاً نحو نبذ السلاح واعلاء كلمة المواطنة والوطن وتحجيم امتيازات مفردات الفئة والطائفة والحزب والشخص الواحد، لكي يكون هناك مبرر في أن تبدو على أحد المفاجأة مما سمع او سيسمع في قابل الأيام.
قناعات وجود وقوع التناحر راسخة في اذهان الطبقة السياسية التي يعرف افرادها الفاسدين واللصوص والقتلة ومنتهكي حقوق العراقيين داخل السجون وخارجها فردا فردا، من دون أن يكون ذلك دافعاً لأي طرف لكي يتدخل ويوقف الانهيار مهما كانت الكلفة عالية، لأنها ستبقى اقل من كلفة انهيار بلد كامل بنته أجيال وبددت قدراته وامكاناته وسمعته حفنة من سياسيين لا يتوافرون على أدنى معاني مصطلح السياسة.
التسجيلات لم تخبرنا بشيء لا نعرفه او انها كشفت المفاجآت، انها صورة من زاوية أخرى لوضع العراق الحقيقي في التوصيف السياسي، بلد يقف على حافة الهاوية، ولا أحد يعلم هل من منقذ له، وهل يمكن إنقاذه في الأساس بعد ضياع الفرصة تلو الفرصة.
انّ الذين اصابتهم الصدمة من جراء ما سمعوا من انفجارات داخل التسجيلات المسربة، انما هم ابرز الموهومين لأنهم تفاجأوا بما هو معاش ويومي في حياتهم.
الاستبشار بتشكيل حكومة لخدمة البلد تخرج من هذه المخاضات نوع من الضحك على النفس، ومحاولة أخرى لتمديد عمر البقاء في المشهد المتهالك عبر عوامل الانقسام الطائفي ليس أكثر، فلا أطروحة وطنية في التداول حتى اليوم، ومن هنا يمكن النظر الى مسار انبثاق الحكومات السابقة، والتبصر في الشيء المختلف او المتناسل الذي سيظهر امام العراقيين في حكومة أخرى قريبة