أنا لا أختار الطريق الذي يروق لي إلا حين أكون مُعافى أما إذا اصبت فليس أنا من يقرر بل إصابتي ، ما قاله إميل سيوران الذي يصف نفسه إنه فيلسوف الصدفة مع إن هناك من لا يؤمن بالصدفة ليس غريباً أن يشعر أغلبنا بالغربة والاغتراب والتغريب ، في عالم يدفعنا الى ما وراء الذات والحرص و الاحتماء من الآخرين في هذا الزمان الذي يبحث عن اي ذريعة ، ليصدمنا أكثر بعد انهيار أخلاقيات العالم وانقلاب أحواله جميعنا تحت تأثير مئات الرسائل المشفرة كل يوم والشحن السلبي لنجد أنفسنا غرباء .عندما تكون اصابة هذا المجتمع إصابة وعي و فكر يعتل الوجدان فيه و يتشوه الضمير لا يمكننا التأقلم معه والقبول بواقعه ، ما نراه و نسمعه كل يوم من شر و ظلم ، حقد وكراهية عندما يحاول الناس مع بعضهم البعض اصطياد الاخطاء و البحث عن العيوب و زلات اللسان ، فكل انسان يؤذي الاخرين بقدر النقص الذي فيه بتعبير سارتر والحقيقة لا اجد تفسيراُ لهذا المرض و الاعتلال النفسي كل هذا يجعلنا نواجه المجتمع ونعي فجيعته ، حسب مقياس الوعي العام في حين ما يراه آخرون امراُ مألوفاً بالتعود و التكيف.. كالهارب من الموت لكنه يفضل الانتحار .مسلسل ممل يعرض يومياً بمرور سريع خلف شاشات التلفاز لا نتعاطف ونتفاعل مع أبطاله ، ل مع الأداء و التمثيل ليسقطنا في حيرة التأويل و التحليل المثل الاعلى يسقط ، الفارس الهمام ينحني ، الابطال ليسوا ابطال و لا القاتلين قتلة و لا الصادقين بررة ،ماهي الا صور في مُخيلتنا نحن نصنع بروازها حيث لا خير يبقى و لا شر يدوم ولا مجد يُخلد ، إنه مجرد اداء تمثيلي رسالة كل واحد منا يفهمها حسب رؤيته ، الخير و الشر موجود في كل انسان وبدرجات مختلفة نحن نؤثر ونتأثر بالآخرين هناك من يخرج لك أجمل ما فيك وفق مبدأ المحبة والتسامي ، هناك من يخرج أسوء ما فيك وفق درجة التسافل ، في الاداء مشاعر الفرح و الحزن الاحباط والفشل الامل والاكتئاب ثنائيات معدية من شخص الى آخر عبر مساراتها الطاقية تصل الينا ونستقبلها لنرسلها بالتالي الافكار والنيات التي نطلقها ونرسلها للأخرين ، ستعاد الينا وبنفس الدرجة لابد من التعافي من هذه الإصابة . إن كل ما يصدر عنا له مجال طاقي (هالة )تحيط بنا وما تحمله من نقاء أو حقد تؤثر في الكون و نتأثر نحن بها باختلاف طبائعنا من شخص الى آخر ،لذلك لابد من الاعتماد على قوة وعي الانسان فينا وإيمانه بالله وعلاقته بما يؤمن و يعتقد دون خسارة اليقين . ما أجمل التسامي عن الأحقاد وصغائر الامور والتفاصيل التافهة فالرحمة والمحبة قوة شحن و تفعيل الجانب الانساني والروحي لهذه الهالة ، التي جعلها الله سبحانه كالبصمة النادرة . في هذا الطريق الذي يروق لك إذا لم تكن لك نية الوصول فلا تكن ضمن نوايا الآخرين.
كُن معافى ، وأنت في طريقك تذكر ، الطريق الذي أوله احتراق آخره إشراق .