لم أسمع سياسياً، خاصة في الطبقة المخملية من المشهد المتداول يمتدح في مناسبات عامة الجيش العراقي. نسمع مدائح أخرى، منها للحشد الشعبي، ولتكن، ولا اعتراض على المادحين هنا فلكل مجال كلمة حق يستحق ان تقال فيه. غير ان اللافت هو اكتفاء المتحدثين على المنابر السياسية، في أحسن الأحوال، بالإشارة الى المصطلح غير الدستوري وهو القوات الأمنية. ذلك انّ القائد العام للقوات المسلحة يوحي منصبه في العراق الى الجيش كأول وجهة ومن ثم المسميات والعناوين العسكرية الأخرى.
الجيش العراقي ليست له حصة من الذكر سوى في يوم السادس من كانون الثاني من كل عام ذكرى تأسيسه وبشكل مختصر.
وبات نشيد الجيش سور للوطن الذي تغنت به أجيال غريباً لا مكانة له.
الجيش هو عصير تقاليد راسخة من المُحال تغييرها لصالح مقولات تعبوية جهوية أو طائفية أو شخصية. حتى في الازمة التي حدثت مع تركيا في قضية قصف المصيف في أعالي دهوك، كان للحشد تصريحات عديدة بين وعيد وتهديد وانذار واحيانا فعل عبر قصف معسكرات وسيطرات تركية، من دون ان يسمع احد كلمة للجيش العراقي ووزير الدفاع أو مَن هو بمثابة المسؤول عنه.
الاعلام العراقي لا يحتفي بالجيش العراقي، ولا يرد ذكره الا في الهوامش، وربّما، لولا بعض العمليات البطولية في تصدي الجيش لأوكار وتعرّضات تنظيم داعش، لما ذكره الاعلام في خبر أو تقرير أو لقاء. هناك استثناءات متناثرة لا يعتد بها ، و لا تليق بمكانة الجيش، وعمق تاريخه، وبطولاته العراقية، والعربية.
المسألة ليست اعلاماً فقط، يبدو ان هناك توجها عاما في تحجيم الجيش، برغم ما يعتريه من نقص اساساً، والتعاطي معه كحصة طائفية موزعة بين منصب وزير الدفاع للفئة الفلانية ومناصب قادة الفرق والحركات والعمليات لفئة أخرى، وترك الأمور تسير كما كانت طوال ما يقرب من عقدين متجهة الى نهايات مجهولة.
مَن يظن انّ تحجيم الجيش هو جزء من استمرار هيمنته عبر أذرع عسكرية وأمنية وسياسية له ولحزبه وفئته متأسياً بتجربة ايران، يكون واهماً، وسيوغل في وهمه اذا اطمئن في وجوده لتشكيلات ليس لها عمق الجيش وسياقاته وأصوله