اعتدتُ ان اكتب قبل موعد نشر عمودي بيوم واحد ، وهذه العادة جاءت في محاولة مني لمعرفة آخر تطورات الوضع العام ، احتراما للقارئ ، فليس من المناسب (مثلاً ) ان اكتب متغزلاً بالربيع ، ونحن نعيش في اجواء ( جمرة القيظ ) .. وعلى هذا المنوال ، وقفت امس حائرا : عن ماذا اكتب ، فيما البلد يعيش في اتون فوضى لا وصف لها ، والمواطن يعيش في فضاء من القلق ، ربما لا يقدر على علاجه اشهر الاطباء !
لقد حرتُ ، واظن ان هذه الحيرة شملت السواد الاعظم من الشعب ، والله يكن في عون الفضائيات ورجالات التحليل السياسي : ترى متى ينعم المواطن براحة البال ، والعيش الرغيد بلا منغصات ، ودون التفكير بمجريات الغد ، وهي مجريات فقدت البوصلة ، وما عاد المرء على دراية بما ستفضي اليه الامور .
السياسيون هم الان في امتحان الوطن ، والمواطنون ينظرون اليهم نظرة ترقب ، وفي ذواتهم دعوة الى المحبة والتعاون ، وبناء المجتمع الإنساني على أساس العدل والمبادئ السامية ، وإيمانهم عميق ، بان التاريخ يعيد فتح صفحاته في اية لحظة .. وحين تنطلق الحناجر مطالبة بإعادة فتح تلك الصفحات ، وقراءة وعود الحملات الانتخابية التي لم تُنفذ ، لن يقف امامها سد أو جبل !
ان مسببات القلق الذي يخيم على صدورنا وأدمغتنا وسلوكنا ، نتيجة ما وصلنا اليه اليوم ، ادت الى هلع مريع في صفوف المجتمع ، ، وثمة احتمال كبير أن تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية والعنف وعدم الاستقرار ، قبل ان يعي من بيدهم امر العباد ، خطورة واقع الحال وافرازاته ، ويبادرون الى القيام بخطوات لتخفيف حدة هذه الخطورة ، من خلال الاستعانة بأصحاب الاختصاص في موضوعة السلم المجتمعي ، فالأمر جد خطير ، ولم يعد الشعب يتحمل ثقل الصخر الجلمود الذي يجثم على مساراته اليومية ، ويعطل حياته ومعيشته .
اعرفُ ان من الطبيعي أن يشعر المرء بالانفعال والغضب والقلق ، في بعض الظروف ، ولكن في حالة ازدياد اضطراب القلق الاجتماعي، والمعروف أيضًا بالرهاب الاجتماعي، فأن الامر يؤدي الى تفاعلات يومية مدعاة الى التذمر المبالغ به، والخوف وغياب الوعي الذاتي والموضوعي والتسبب بالحرج الشخصي والمعنوي، وهذه الحالة من اشد حالات الخطورة التي نحذر منها .. ان للإنسان مساحة من الصبر وحين تتجاوز تلك المساحة حدودها فإنّ الامور تخرج عن سياقاتها المعروفة … رحمة بالمواطن ، فقد تعب .. ارحموه رجاء !