يجب أن يتم التصدي للأزمة العراقية المستمرة من دون مجاملات وتلاعب بالألفاظ، فالقضية المتفجرة لن تُحل بتبويس اللُحى، وانّما هناك توجهات معلنة او غير معلنة لكسر عظم بين زعيم التيار الصدري وزعيم حزب الدعوة انطلاقاً من آخر الأسباب، وهو ازمة التسجيلات التي فجّرت المشهد كله، وسرّعت من تداعياته. والمسألة يمكن تسويتها بين الإطار والتيار مهما كانت بعض الخلافات كبيرة، لكنها ليست بالضبط بين الاطار والتيار.
هناك عقدة واحدة أساسية لا ثاني لها، قبل الدعوة للإصلاح ومحاربة الفاسدين وغير ذلك من الشعارات والاهداف، ومن هنا لا معنى لكل حديث عن حوار لا تكون تلك العقدة في صلبه، وتتقدم على جميع الأهداف الوطنية الأخرى، لأنّ الموقف يوحي ان تسوية العقدة هي المدخل لإعادة تضميد المشهد او إصلاحه.
ليس هناك داع لإطلاق مبادرات لا تستوعب هذه العقدة وتحتويها وتكون قادرة على تفكيكها، وإذا كان هناك من لا يعي مركزية هذه العقدة في اية تسوية فإنه خارج الوضع كله ولا يستحق أن يدعو الى مبادرة.
أزمات العراق متراكمة ومتجذرة، وأغلبها فيها جانب شخصي عميق متوغل لا فكاك منه، ولا يمكن الالتفاف عليه وتجاوزه في ظل ذلك التراكم الناتج عن تداعيات حزبية او مذهبية او قل ما تشاء لكنها ليست تداعيات وطنية.
سبب تراكم الازمات هو منطق التوافقات الراسخ السابق في العقليات السياسية المتداولة، وهو منطق تجاري مساوم يشبه البيع والشراء. وتعمقت الازمات وتحولت الى أكثر من عقدة بسبب سلوك أسلوب المصالحات الوقتية وترحيل المشاكل الى زمن مقبل او حكومة مقبلة او انتخابات تالية. لم يتم حل مشكلة كبيرة واحدة من مشاكل نخرت جسد العراق طوال ما يقرب من عقدين، لذلك تتفجر هذه العقدة الأخيرة، والجميع عاجزون عن التعامل معها بما يوفر مقتربات الحل الحقيقي.
هنا المشكلة وليست في مكان آخر، أمّا ما هو حلها ؟ فقد لا ترسو التكهنات على بر ، بعد ان ضربت الأمواج المتلاطمة الاسوار والعناوين والرؤوس والألقاب.
لا تدفنوا رؤوسكم في التراب ثم تتحدثون عن مبادرات للحوار وكأنّ الخلاف شكلي ويخص منصباً هنا أو هناك، كما كان في تراث خلافات السياسيين الماضية. الآن هناك استحقاقات لتغيير حتمي، له أكثر من رؤية، وربّما ليس له أية رؤية حتى اللحظة