في العهد الملكي الذي مضى عليه 64 عام والذي استمر ما يقارب 38 سنة ، وكذلك في العهود الاخرى التي تلت هذا العهد لم يعرف او يسمع انه لاحد من رجال الدولة واقطاب العملية السياسة من هم يمتلكون مجاميع مسلحة (ميليشيات) تعمل بامرتهم ويستخدمونها في حل خلافاتهم او حتى في صراعاتهم السياسية ، ولم يكن احد اصلا يسمع بهذا المصطلح على مستوى الدولة والحكومات المتعاقبة في العراق ،، والسؤال المهم الذي يطرح نفسة ، لماذا بعد السقوط وتشكيل ماسمي بالنظام الديمقراطي والعمليه السياسية الجديدة والتي كان الكثير يتوقعون ويأملون بانها ستكون عودة الى الدولة العصرية التي تؤمن بالتطور وتمثل الحداثة والتحضر ، واذا الامر في حقيقته هو خلاف ذلك بالضبط وان ما يحدث ، ماهو الا نظام وعملية سياسية عادت بنا الى عصر ما قبل الجاهلية ، وهي تدار من قبل قيادات وعناصر ادارية وتنفيذية تسيطر عليها قيم البداوة والتعرب وأسوأ العقد النفسية والاجتماعية ، وان ابرز شخوصها والمتنفذين فيها تمتلك مجاميع مسلحه يطلق عليها (ميليشيات) ،، وهنا لنا في الواقع ان نقف على حقيقة هذا المصطلح الذي اقترن اساسا بحركات التحرر التي ظهرت في العالم في الاربعينيات من القرن الماضي وما بعدها كجنوب شرق اسيا وامريكا اللاتينيه وافريقيا ،، فالزعيم الصيني (ماو تسي تونغ) كان قائد ميليشيات قامت بتحرير الصين من الاحتلال الياباني ،، وكذلك (جيفارا) الزعيم البوليفي كان زعيم ميليشيا ،، فهل يا ترى في العراق هذه الجماعات المسلحة هي فعلا ميليشيا ضمن المفهوم الاصلي لهذا المصطلح ،، ام انها تجمعات يغلب عليها القيم والاعراف والعلائق والممارسات القبلية المعروفة ، وهي في الواقع حصيلة مخرجات ونتائج الانظمه التي سيطر عليها وادارها حاملي قيم البداوه والتعرب منذ اكثر من 40 سنه والى يومنا الحاضر وتسببوا في خراب البلاد واهلاك العباد وخاصة للمرحلة التي اعقبت سقوط النظام السابق عام 2003 .