الثورة ضد الفساد تحتاج الى تعريفين، الأول ماهي الثورة، ما مواصفاتها وعناصرها واركانها ومن المتحدثون باسمها عندما تكون شعبية لا صدرية حصراً؟ أما إذا لم تنتج الثورة الشعبية قيادات من خارج التيار بعد انضمام قطاعات أخرى لها، فإنها ستبقى في حدود صراع سياسي بين جناحين في جانب واحد من العراق.
ما نراه هو اجتياح لغضب الفقراء في معظم بغداد تحت قيادة التيار الصدري تحديداً ضد طبقة سياسية احتكرت السلطة والمال والامتيازات والمناصب، لكن هؤلاء الغاضبين المظلومين هم نموذج ظاهر في المجتمع العراقي، ولا تقول قيادتهم ما هو برنامجهم للوصول الى تحقيق الأهداف التي افصح عنها زعيم التيار لاحقا بمطلب حل البرلمان وقيام انتخابات مبكرة، وهذا المطلب قد تلتقي معه القوى السياسية التي يرفض الصدر الحوار معها ليأسه من جدوى الحوار استنادا الى تجارب سابقة كما ذكر .
كما نحتاج تداول تعريف دقيق للفساد ومحاسبة الفاسدين، وبلا شك، لا يقصد زعيم التيار صغار الموظفين، وانّما زعامات سياسية تتصدر الواجهات اليوم او سابقاً، وهذا ربما الذي قصد من خلاله تغيير النظام السياسي ، لأنّ المساس بهذا الخط الأحمر يعني نسف العملية السياسية التي يعشعش فيها الفساد منذ سنوات .
هل يمكن ان يتجه الصدر الى القضاء بدعاوى محاسبة الفاسدين، ويطلب قيام محكمة عليا خاصة كتلك التي حاكمت عناصر النظام السابق، وبذلك يكون القضاء هو المرجع الأول في الإصلاح. هناك مَن يقول انَّ هذا الطريق ملغوم ومسدود والمشي فيه مجهول الوصول، لأسباب تتعلق ببنية النظام السياسي منذ تأسيسه.
امام المحاكم، يستطيع أصحاب الدعاوى القول مَن هو الفاسد عبر الوثائق والأدلة
والكلمة للسلطات التي تتولى المحاكمات.
هل وصل حال العراق الى هذا المستوى؟ بل متى يصل الى هذا ؟ ولماذا قامت محاكم خاصة عليا في السابق، ونفت عن نفسها انها سياسية وقالت انها جنائية ، في حين لا يمكن قيام محاكم مثلها اليوم؟
هناك حاجة لتسمية الأشياء والأشخاص بتسميات دقيقة وبحسب مقتضيات قضائية، وهذا صلب النظام الديمقراطي، وعدم توافر ذلك يعني نفي وجود ديمقراطية أصلاً