هو سؤال يدور في ذهن كل عراقي وطني غيور شريف أصيل كان قد اطلع على تأريخ أمته وماضيها سواء كان ذلك على المدى البعيد أو القريب والبحث في فصول ومحطات الأحداث التي مرت على العراق سيما وان الأمم بكل مسمياتها لاتعرف الا بتأريخها أو من خلال تجاربها الإنسانية والبصمة المؤثرة التي يمكن أن تميزها عن باقي الأمم الأخرى وان هذا التأريخ لايمكن له الا أن يسجل بعض اللمحات المهمة الفارقة وليس كلها لأسباب كثيرة ومنها يتعلق بسلطة الحاكم أو بمن يدلس ويخفي بعض الحقائق التي تمس بمصلحة هذا الطرف أو ذاك وكل هذا معروف لدى العقلاء والمؤرخين المنصفين ومن المؤكد ان للأحداث التاريخية الإيجابية دور في ترسيخ الوعي المستقبلي للشعوب ولذلك نرى معظم الأمم والمجتمعات تستذكر وتحتفل وتفتخر بتلك الأحداث التاريخية الإيجابية التي عاشتها أو مرت بها وتجعل منها نقطة انطلاق لنهضتها ومثابة لتقديم كل مايخدم ابنائها مستقبلا مع طمأنة الأجيال القادمة من خلال الحفاظ على مايمكن الحفاظ عليه من قاعدة إنسانية رصينة تتضمن كل مايصب بمصلحة الشعب وتجعله يحترم هويته الوطنية ويعتز بها ويفتخر بالوطن الذي ينتمي اليه مدى الحياة ولو راجعنا التاريخ وتوقفنا عند فترة حركة الإصلاح في أوربا التي قام بها عدد من التنويريين في القرن السادس عشر وعلى رأسهم مارتن لوثر والتي تركت أثرا كبيرا في بنية العقلية الأوربية استمر حتى يومنا الحاضر سيما تجاه مفهوم الأديان والعقائد الإنسانية التي جاءت من أجلها ومن ثم تأسيس نظام معرفي مرن أنتج حضارة معاصرة ينظر اليها وكأنها سبقت الحضارة العربية الإسلامية بسنوات طويلة بينما المنطقة العربية التي هي جزء من العالم الإنساني الواسع لم تستطع الأحداث التي جرت عليها وحركات الإصلاح التي قام بها عدد من الشخصيات العربية من مفكرين ومثقفين ومشرعين وباحثين وفلاسفة وثائرين أن تغير من أحوال العرب بشيء وهذه حقيقة مؤسفة ومع كل ماقدمه رموز الإصلاح هؤلاء من أفكار وطروحات أو ثورات هدفها انتشال الإنسان العربي من واقعه البائس المظلم الا أنهم لم يؤسسوا قاعدة تسير عليها الجماهير وتجعلها نهجا يسهم في بناء حياة جديدة لهم بل بقت الشعوب العربية مرتهنة بإحداث تاريخية سلبية ماضية يعاد اجترارها بين الحين والآخر من قبل عدد كبير من المنتفعين والمغرضين حكاما وطغاة ومتسلطين سياسيا ودينيا وعقائديا وحسب حاجتهم لها وبما يتوافق مع مصالحهم الشخصية وعلى حساب مصالح شعوبهم سيما وان أكثر تلك الأحداث قد جرت منذ أكثر من 1400 عام مضت الا أنها مازالت مؤثرة سلبا لدى أصحاب العقول القاصرة الذين أصبحوا رهينة لتلك الأحداث على مدى السنوات الماضية وفي العراق الذي لم يكن بعيدا عن تداعيات الأحداث السياسية والاقتصادية المضطربة في العالم والذي ابتلاه الله عز وجل بحكام ومسئولين أغبياء فاسدين وأدعياء سياسة فاشلين خونة جعلوا منه بلدا يتذيل قائمة الدول في كل التوصيفات المخجلة والمؤلمة حيث استباحوا كل شيء باسم الدين والعقيدة والمذهب والشعارات الوطنية الكاذبة وامتهنوا كرامة الشعب العراقي بلا أدنى درجات الخجل وهذا قد أصاب كل العراقيين المخلصين الوطنيين بالصدمة بعد أن خابت آمالهم بعراق جديد قوي موحد يتوافق حال شعبه مع استحقاقاته الإنسانية والتاريخية وإمكاناته البشرية والاقتصادية والثقافية وبعد الخراب والدمار والتردي الذي أصاب البلاد قد جعل كل عراقي وطني أصيل يتساءل وبألم شديد مالذي ستورثه الأجيال القادمة ؟