قوله تعالى في القرآن المجيد ( ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ، استدعيت من قبل احد الاقرباء ثالث ايام العيد الاضحى لمراسيم خطوبة وفقا للعادات والتقاليد السارية في مجتمعنا المحافظ والتي تمتاز بالصدق والامان وشمل الاقرباء والاحبة وهي وشيجة لديمومة صلة القرابة روحيا ومعنويا وتوالى الحضور تدريجيا الى ان اكتمل بوجوه مشرقة بالمحبة والود والوقار وافواه تخرج منها عبق العطور في البسملة وامثال وحكم تشد المرأ على التمسك بمسيرة الحياة المقدسة التي اورثناها من اجدادنا اصحاب العزة والكرامة والابتعاد عن الفعاليات الدخيلة واللقيطة التي تشوه تلك المسيرة .
دارت في الجلسة قصص واحاديث عن احداث ووقائع لاخذ العبر منها في نشأة وبناء الاسرة السليمة وهي اساس المجتمع السليم وكنت اصغي الى كل كلمة لاختزنها لكي اسطرها واطرزها بالورود والرياحين لان رايت في المراسيم نص الاية الكريمة اعلاه في فكرتي العائلتين في العطف والحنان وتذليل المصاعب واختيارهما الصائب في ترسيخ صلة القرابة وفق ما شرعه ديننا الحنيف وما دعت اليه التعليمات الصحية في عالمنا المتمدن ووفق العادات والتقاليد التي توحي الى تماسك الاسر وإدامة صلة القرابة والاحترام المتبادل في مجتمعنا المحافظ الذي اوصلنا الى هذا اليوم كما اوصف سبحانه وتعالى نشأته في قوله ( يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) وهذه هي بنيان الحياة وفق الاية الكريمة ( الطيبات للطيبين والطيبون للطبيات ) وهي تشمل اعمال وافعال كثيرة لاحصر لها ولكني اقصدها في الزواج ان كانت كل عائلة تطمح ان تحقق تلك الصفتين في بناء الاسرة تبارك فيهما السماء كما لاحظت في تلك المراسيم التي اتسمت بالبسملة والهيبة والوقار .
صفات طبية
الاسر السليمة المحافظة التي بنيت على الطيبون والطيبات هي التي تُكوِن القبائل ذوات الصفات الطيبة التي تتكون منها الشعوب الراقية ولذلك نرى التفاوت بين ثقافة وعادات الاقوام والشعوب بين منطقة واخرى فالشعوب الفاسدة اصلها واساسها العوائل المتفسخة التي بنيت على المصالح او الفساد كما في قوله تعالى الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات وبالتالي تنعدم فيها الروابط والعطف والحنان واحيانا تصل الى مرتبة شواذ بعض اصناف الحيوانات من جميع النواحي .
في السبعينات القرن الماضي سمعت من شخص صديق بأنه اشترك في مراسيم زواج احد افراد اسرة مرموقة ، قال العريس عن خطبته ، عند عقد القران سألنا القاضي كم مهر الحاضر والمؤجل اجبته الحاضر الذي استلمته دينار ودفعته للتكسي لايصالنا الى مقامكم والمؤخر كذلك دينار ستدفعه للتكسي لايصالنا الى البيت وابتهج القاضي وباركنا في زواجنا وعلامات التعجب والاستغراب ترسم وجهه ، ولكن اليوم مع الاسف الشديد بحجة تقدم العلم والمعرفة التي اجتاحت العالم وقضت على مصاعب العيش واصبحت سبل الرفاه والرغد متاحة لكل فرد في المجتمع إلا ان الكثيرين تركوا محاسنها من تقليل المهر وتكاليف مراسيم الزواج وهي من صلب عاداتنا النبيلة واندمجوا مع مساوءها وانحرفوا عن مسيرة اجدادهم واخذوا مظاهر البذخ والترف المزيف وبعض الفقرات الرامية الى فساد المجتمع منها غلاء المهر للتعلى والتباهي ادى الى عزوف الكثير من الشباب عن الزواج بسبب تعنت البنات واسرهن المتعلقات بالعـــــــادات البالية الدخيلة .
الزواج سنة الحياة لو بني على الصدق والامانة ورصيده القناعة تتكون منه الاسرة السليمة ، خالية من المشاكل والمصاعب وتبنى عليها المجتمعات الراقية التي تلتزم بكل مالها وما عليها في صناعة دولة الامان والاستقرار ان سلمت من الزواج السياسي الفاسد.