مقدمات
يظن اغلب المصلحين أن التمكين وحده هو نقطة الانطلاق نحو تحقيق الإصلاح، كذلك الطامعون والفاسدون والثوار، لكن هذا ليس جوهر الحقيقة وان حصل مظهرها.
الألم:
الثائر لم كان ثائرا؟ لأنه تحمل الألم إلى حد أخرجه عن طاقته فلم يعد هنالك شيء اعلى صوتا في داخله إلا تغيير الواقع أو مقاومته والموت في هذه الطريق أو يتخلص مما يسبب له الألم؛ ودرجة الألم العالية هي مؤذن التغيير ودوافعه.
الرؤية:
يتمكن الفساد والاستبداد فتنحدر الحياة بالتخلف والسلوكيات السلبية والمظاهر المؤلمة والمنفرة فتظهر أفكار الإصلاح وهي تبقى في كونها ردود فعل مالم تتبلور في رؤية إصلاحية.
بيد أن هذه الرؤية عادة تكون بعيدة المدى لعظمة المشاكل التي تحتاج حلا، تستثير الناس والناس تعمق في محتواها، وكذلك تحركات الفساد، فالفساد عند البعض لا يعد فسادا والظلم لا يعد ظلما في منظومة تنمية التخلف، بل أن الرافض لهذا هو الظالم ومن يقف في طريق الفساد هو الذي يجب أن نتخلص منه ولا نريده فهو يعيق انسيابية الفساد والتمتع به (اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم أناس يتطهرون).
هل يتمكن الصالح ويفشل:
نعم ممكن أن يفشل ويتحول مكان الظالم والفاسد فيفسد ويظلم أو تأتي عليه قوى الفساد وتنتزعه في بداية تأسيسه لقواعد التمكين فلا تبقي له أساس راسخ وربما تنهيه لأنه قرر التحول من موقع الثائر فرفع أوتاد خيمته، وأتى إلى موقع الحاكم ولم يثبت أوتاد خيمته.
لابد من خطة للمائة يوم كما في الولايات المتحدة، أو ممكن أن تضع لنفسك ما لا يتجاوز ربع أو ثمن المدة وفق الآليات المتاحة في النظام وثبات بنيته التحتية ففي أمريكا النظام ثابت، والمؤسسة ثابتة المتغير هو سائق الحافلة، لكن بعد الثورات والتغيير باي شكل هنالك مدة لتمسك بالدولة العميقة، ويمكن أن تملك الثورات الرؤية الصغرى بلا الكبرى أيضا فيتوقف اندفاعها لتركد.
أي نقطة من هذه الثلاث لا تكون مستعدا لها فان حراكك سيكون فاشلا، لان نسبة نجاحها هو حاصل ضرب هذه المعطيات، فان كان أحدها صفرا والأخريات كاملة فالنتيجة صفر وهكذا.
فلا يفيد من ثورته انفجار الالم، ولا يفيد أن تكون لك رؤية فلن تصلح واقعك، ولا يفيد أن تعرف كيف تضع أسس التمكين لكن المفيد أن تجتمع هذه معا فتصنع خطوة نجاح.
ان ما يحتاجه الخير لينمو هو ليس ما يحتاجه الشر لينمو وكفانا الله مثلا بزرع طيب نزرعه وكم نحتاج لرعايته وسقياه، وكم تحتاج الأدغال لتنمو وترتفع، فان يبست تضعنا بخطر الحريق.