قد يكون أحدهم كتب في هذا، لكن المهم في الأمر هو التركيز على إيجاد الحلول، فبعض الدول المركزية وجهت بالقيام بتسوية مع المتهمين بالفساد، ليعيدوا المبالغ التي إستولوا عليها بطرق غير قانونية، على أن يحتفظوا بجزء من تلك الأموال، وقد حصل هذا في بعض الدول، ومنها دول شهدت ثورات وإنتفاضات غيرت الكثير، وفي أحيان دمرت منظومات حكم، وأسهمت في تخريب الإقتصادات المحلية دون أن تهتدي تلك الدول لحلول ناجعة لأزماتها، وماتزال تشتبك فيها قوى صراع محلية تستهدف الهيمنة والنفوذ، وتحقيق المكاسب والمنافع.
وصفت لصديق كيف يمكن أن تنجح الدولة عندما تكون الأمر بيد جهة واحدة قوية تسيطر على مركز القرار، قلت له: تخيل أن في قريتك هذه عشرة من المختارين بدلا من واحد يسمونه مختار القرية، وقد تفرح بوجود هذا العدد وتقول: لن يتحكم بي فرد واحد، لكنك تنسى الأهم، فالمختار الواحد يختم لك على تأييد السكن مثلا مقابل مائة دينار، ولكن مع العشرة ستضطر الى التنقل على أكثر من مختار ليختم لك، وعليك أن تدفع لكل واحد مائة دينار، وتستصحب معك أوراقك الثبوتية وصورا، ومع وجود العشرة الذي سيرهقك التنقل بينهم سيكون عليك أن تدفع ألف دينار مع مبالغ إضافية تدفعها لصاحب أستوديو التصوير ومحلات الإستنساخ، بينما لايكلفك المختار الواحد مثل هذه المبالغ فتقتصد في النفقات.
الأنظمة المركزية فاسدة هي الأخرى، ولكنها تحتكم لنظام واحد، ومجموعة حكم واحدة تتمكن من مؤسسات الدولة، وتوجه العمل فيها، وترضخ لها المؤسسات المسؤولة عن القانون والقضاء، في حين تصاب الأنظمة التي تضعف فيها مؤسسة الدولة بالفشل، وتتعدد فيها جماعات الضغط، ومجموعات من رجال الأعمال ومن يملكون القوة وسلطة الترهيب التي تنشغل بتحصيل المكاسب المالية، ولاتهتم للتعمير، وإنجاز المشاريع التي تسرق الأموال المخصصة لها، أو لاتنجز بطريقة ملائمة، وتفتقد الى الجودة وقد يظهر عيب فيها بسرعة، ويكثر المسؤولون الفاسدون والمرتشون.