تُفهم تغريدة السيد مقتدى الصدر مقدمة لحصار مجلس القضاء ومن ثم تعطيله على غرار ما حصل مع البرلمان. ومن الواضح أنه يتحرك في خطواته ضمن تخطيط يعتمده في حركته، ولا يبدو أنه يضع في الحساب التراجع عنه.
لقد ترك السيد مقتدى الصدر رئاسة الوزراء في مأمن من ثورته حتى الآن وهذه نقطة تُسجّل ضده إذا ما تأخر فيها، لأن السلطة التنفيذية هي المسؤولة المباشرة والمعنية بما يجري في البلد من تدهور وفساد وضياع للسيادة. وزعيم التيار الصدري هنا يختلف في تخطيطه عن الثورات الجماهيرية والاصلاحية التي قامت بها الشعوب في دول كثيرة، فالإجراء الطبيعي والمنطقي أن تتجه الجموع الى مصدر السلطة والقرار وهو رئيس الحكومة وليس الى السلطتين التشريعية والقضائية. وقد نالت تلك الثورات زخمها الجماهيري الواسع لأن مسارها كان مطلب الشعب المشترك، وكانت السلطتان التشريعية والقضائية تضطران الى تكييف الأجواء والقرارات لمصلحة الثوار، بعد عزل رئيس السلطة التنفيذية، ومساعدة الثورة في تشكيل حكومة جديدة.
وفق المنطق السياسي السائد في العالم فان تعطيل البرلمان يواجه بتحفظ شديد من قبل المنظمات الدولية، وكذلك الحال بالنسبة لسلطة القضاء، بصرف النظر عن حالهما من حيث الفساد أو النزاهة.
أغلب الظن أن السيد مقتدى الصدر سيواجه معارضة قوية صادرة من المنظمة الدولية، وقد تكون المعارضة من الشدة بحيث تفرض على العراق إجراءات صعبة تصادر سيادته وتضعه تحت الوصاية الدولية.
وما يجعل هذا الاحتمال راجحاً، القلق العام الذي يشهده الوضع الدولي، فهو لا يسمح بتحويل العراق الى ساحة فوضى مهما كانت الدوافع والأسباب. بمعنى ان المنظمة الدولية لن تسمح بعمل مضاد للدستور والقضاء والبرلمان في هذا الظرف على وجه الخصوص.
يحتاج السيد مقتدى الصدر الى إعادة النظر في برنامج حركته. فهو سيختصر الخطوات كثيراً لو أنه يُبقي على حالة الاستنفار لدى أنصاره، مع السماح للكتل البرلمانية بتشكيل الحكومة، ومن ثم مراقبتها لفترة معينة، يقرر بعدها تحويل الاستنفار الى ثورة غاضبة ضدها في حال الفشل، أو الى دعم لها في حالة النجاح.
يستطيع الصدر أيضاً أن يسلك طريق الضغط المباشر على الكتل السياسية، بأن يلتزموا موعداً محدداً لا تأخير فيه لتشكيل الحكومة، وإذا ما استمر تهاونهم في تشكيلها، فان ثورته تصبح مفتوحة الخيارات.