يصر (دهاقنة) السياسة القابضون على أنفاس هذا البلد المبتلى بهم على إضحاكنا عندما يرددون بين وقت وآخر وكلما وجدوا أنفسهم محاصرين في الزاوية الحرجة عن ضرورة إحترام التوقيتات الدستورية وسياقاتها وعدم جواز العبور فوقها. ألا يثير كلامهم هذا الضحك في النفوس؟ وهو في الواقع ضحك مرٌ كمرارة العلقم الذي لايزال العراقي يتجرعه منذ عقدين من الزمن الأغبر الذي صنعه الأمريكان كخطوة أولى من مشروع الفوضى البناءة من أجل شرق أوسط جديد ثم أوكلت هذه المهمة الى نفر من الجهلة ومزوري الشهادات والناهبين المال العام فكانوا عند حسن ظن مشغليهم. لقد دمروا العراق. طيلة عقدين من الزمن لم يحترموا يوماً لا الدستور الذي وضعوه ولا القوانين ولا الأعراف كلما كانت لاتلبي طموحاتهم في الإمساك بالسلطة والهيمنة على المال العام وهو مال وفير بل كانت مسيرتهم على العكس من هذا مثالاً صارخاً على أن الأولوية والأعلوية ليست للدستور كما هو معمول به في كل العالم بل ولا لأي شيء آخر كالقيم والمباديء التي ظلوا يصدعون رؤوسنا بها طيلة سنوات تسكعهم على أرصفة الخارج بل هي لأولية مصالحهم فقط. لم يحترم هؤلاء الدستور يوماً فلقد ساوموا عليه وتلاعبوا به وتجاهلوه وحرفوه وقاتلوا من اجل تكييفه لمصالحهم مرات كثيرة لاتعد ولاتحصى. أفلا يثير الضحك المر كالعلقم بعد هذا كله كلامهم عن ضرورة إحترام السياقات والتوقيتات الدستورية. كل طرف ناشط داخل حلبة الصراع على المغانم يلجأ الى إستخدام هذه الكليشهات ضد خصومه لحظة يجد نفسه في الكفة الأخف من ميزان المعادلة المصالحية وليس المعادلة السياسية. القتال الحامي الوطيس الآن في حلبة الصراع ليس من أجل إحترام الدستور فلقد أشبع هذا الدستور طعناً وتجاوزات مرات عديدة لكنه صراع من اجل المغانم وقد وصل الآن الى مرحلة كسر العظم فمن سيكسر عظم من في آخر المطاف؟ وهل سيسمح اللاعبون الأقوياء في الخارج لهواة السياسة في الداخل بالتمادي في هذه اللعبة طويلاً؟ مخطيء من يظن أن هذا المشهد سيستمر طويلاً فهو كأي مشهد مسرحي له خاتمة لابد أن ينتهي عندها قبل أن يسدل الستار عن فصل واحد إسمه (سياقات دستورية) في إنتظار فصل آخر تحت عنوان آخر من مسرحية فصولها لاتنتهي.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *