بلا أدنى شك يُعد (الحياد) الذي ظهر كموقف عند كتائب حزب الله العراق، منذ اقتحام البرلمان العراقي من قبل الصدريين، حياداً (سلبياً) مقارنة بالمواقف المعتادة للكتائب، والتي غالباً ما تكون مواقف فاعلة ومتفاعلة ومؤثرة، ولذلك لم يكن مفهوماً حتى هذا اليوم لدى الكثيرين لماذا وقف رجال الكتائب موقف المتفرج ؟!.

وبحسب تصوراتي أن الكتائب وضعت تحركاتها جميعاً تحت تصرف (الموقف الشرعي) حيال ما يجري من صراع داخل البيت الشيعي، وهو (موقف ولائي) يصدر بالدرجة الأساس من قبل (السيدين العلييّن)؛ وهما السيد السيستاني والسيد الخامنئي، باعتبار أن الطرفين يمثلان أعلى المراجع لدى أبناء الطائفة.

ويفهم من هذا الموقف وجود (فيتو) مكتوب باللون الأحمر من قبل المراجع تم بموجبه منع أي محاولات لإشعال فتيل حرب أهلية (شيعية – شيعية)، حتى قيل من خلال رسائل وصلت للجميع إن من يفتح النار أولاً إنما يفتح النار على نفسه، ومن يبدأها سيدفع ثمنها.

ومن هنا يعتبر بيان الكتائب هذا اليوم بمثابة الخروج من حالة (الحياد السلبي) الى حالة (الحياد الإجابي)، بهدف وضع الصراع في خانة الالتزام بـ(قواعد الاشتباك السياسي)، ويتمثل ذلك باحترام السلطة القضائيّة، والاحتكام إلى الدستور الذي اكتسب شرعيّته من الاستفتاء الشعبيّ، وتقديم مبدأ الصلح، والحلول السلمية، بديلاً عن التصعيد بالتهديد والوعيد.

وأكد بيان الكتائب على أن الخروج من قاعدة التعامل السلميّ، والاحتجاج المشروع إلى لغة التأجيج، والاستقواء بالجمهور، وترويع الآمنين، والتعدّي على الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل مصالح الناس، وجرّهم إلى المجهول؛ قد يؤدي إلى صراع داخليّ يعود بالبلاد إلى عهد الظُّلم والاستبداد، والدكتاتوريّة والمقابر الجماعيّة.

واللافت للانتباه في بيان الكتائب هو الإعلان الرسمي عن استعداد رجالها للوقف بوجه محاولات (إسقاط بغداد) وما يترتب على ذلك من مواقف حاسمة، حتى لو تطلب اتخاذ (قرارات ميدانية) تهدف إلى حماية السلم المجتمعي، وكل ذلك يأتي عملاً بـ(التكليف الشرعي) وفق النصوص الصريحة، وسيرة المعصومين عليهم السلام، وفتاوى العلماء.

ولذلك شهدت البلاد هذا اليوم متغيرات عديدة كان من ابرزها التراجع عن التصعيد الذي كان مخططاً له أن يحصل يوم السبت القادم، خصوصاً بعد أن تم تسريب معلومات خطيرة عن وجود سيناريو (فتنة الدم) الذي كان يُعد له بتحريض من قبل طرف خارجي معادي للعراق، بالاشتراك مع طرف داخلي يسعى للتمسك بالسلطة بأي طريقة كانت، حتى ولو على حساب بحر من الدماء.

وابتداءً من اليوم، وبعد أن قرر رجال الكتائب لعب دور (حارس بغداد) أو (الشرطي المحايد) بين الاطراف السياسية المتخاصمة والمتنافسة، سيصبح الحديث عن الحرب الأهلية بين الشيعة مجرد (كلام جرايد)، وهو ما سوف يعيد مسار العملية السياسية الى مسارها المنضبط.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *