قبل استعراض ما تكون لدي من ملاحظات
حول الاجراءات التي تتخذ في مسألة التحقيق في قضايا النشر وما يتعرض له الصحفيون خاصة من اخطاء تحقيقية
قد تتسبب في اعتقالهم او توقيفهم وضياع الحقيقة وافلات الفاسدين من قبضة العدالة و من العقاب اود ان اذكر هنا
مسألتين وهما
اولا :- سلامة الاجراءات التحقيقية
من الاخطاء
ثانيا :- ضرورة تشريع قانون حرية
الصحافة خاصة والنشر عامة
وفي ما يتعلق بسلامة الاجراءات اللتي تتعلق بما يجري في المحاكم من تحقيق
مع الصحفيين الذين تدور مقالاتهم ومنشوراتهم حول ما هو منتشر من فساد
اداري ومالي في اغلب مؤسسات الدولة
اود ان اقول انني وفي عام ١٩٧٥ كنت قد
نشرت في احد الصحف مقالا معمقا وطويلا وذلك تحت عنوان
التحقيق القضائي ركيزة العدالة الواهية
ويومها اعترض احد القضاة وتوعدني
بأقامة دعوى قضائية ضدي بتهمة الاساءة الى القضاة والقضاء فقلت له :-
سيادة القاضي ماهي الحقيقة القضائية ؟؟؟
فاجابني انها ما موجود في الاوراق التحقيقية
فقلت له ولكن من اين جاء الضابط الفلاني
بكل هذه الثروة الهائلة اللتي تتبدى في
قصره الشامخ وسيارته الفارهة وتجاوز
زوجاته العدد المسموح به شرعا وما يزين رقابهن وصدورهن من الحلي الذهبية
وما يرتديه ابناؤه من ثياب واحذية
غالية ؟؟؟؟
هل يعقل ان يكون راتبه الذي لم يتجاوز
العشرة آلاف دينار والذي لا يكفي لشراء
اربع طبقات بيض وراء هذه السعادة والرفاهية وهو الذي لم يتعد بعد رتبة
ملازم اول
قال وماذا يعني ذلك ؟؟؟
قلت له اعني بها الرشوة اللتي تفشت في ذلك العهد المظلم في اغلب دوائر الحكومة ومنها جهاز الشرطة والتي كانت تلوي رقاب الحقائق لي فيصبح صاحب الحق وراء القضبان في ما يبقى المجرم طليقا لا احد يقرب حدوده
وفي دوائر الامن في ذلك العهد الغابر كان
دور القاضي هو التوقيع على محاضر التحقيق الذي يقوم به ضباط الامن فقط
نعم لم يكن لقضاة الامن دور في كل ما يجري من تحقيق اجرامي واكراه عجيب
على الاعتراف على ما ليس للمتهم صلة به
وهذا ما كان يحدث في مكاتب شرطة مكافحة الاجرام ايضا
وغاية ما في القول ان الحقيقة قد لا تكون في الاوراق التحقيقية وذلك لتعدد الجهات التي تشارك في صنع القرارات القضائية مما يستدعي تغيير الكثير من آليات التحقيق واجراءاته ففي قضايا النشر مثلا
يجب على المحققين ان يدركوا
ان فضح الفساد وانتقاد الفاسدين
هو من واجب الصحفي والاعلامي
ولهذا سيكون من غير الصحيح ان
يصدر امر بالاستقدام او القبض بحق
الصحفي او الناشر قبل التحقق من حقيقة الاتهامات التي يوجهها لهذا المسؤول اوذاك وذلك بما لديها من سلطة واسعة في التثبت من صحة المعلومات او عدمها فأذا وجدت المحكمة
ان التهم التي اسندها الصحفي للمتهم من المسؤولين الحكوميين او المكلفين بخدمة عامة غير صحيحة فعند ذاك يحق لها أي للمحكمة ان تصدر اوامرها باستقدامه لسؤاله عما لديه من ادلة ثبوتية تساعدها على كشف الحقيقةوهذا ما سنأتي على بيانه في المسألة الثانية وهي مسألة ضرورة تشريع قانون حرية التعبير والنشر في والصحف ووسائل الاعلام الاخرى بأعتبارها منابر السلطة الرابعة وهو الاسم الذي لم يأخذ مداه
من التحول الى حقيقة تمارس في ميدان العمل الواقعي ويكون لها من الحصانة ما للسلطة التشريعية ان لم يكن اكثر بوصفها سلطة رقابية في الدرجة الاساس وما يعنيه ذلك من
معارك وصراعات قد تدخلها في مواجهة اصحاب القوة والنفوذ والاموال من المسؤولين الفاسدين
غير ان هذا الامر مازال في حدود المجاملة الودية ما بين السلطة القاهرة أي الحكومة والسلطة الرقابية التي لم يتبلور مفهومها
حتى الآن ولم يغد قضية واقعية
الكشف والقذف
وما بينهما من فروقات
كبيرة جدا لم يتنبه لها المشرعون
حتى الآن لانهم مازالوا يعيشون
في العصر الصدامي المظلم
وهذا ما سنأتي على شرحه
وبيانه في الجزء الثاني