عندما يهدّد أمن البلد واستقراره ونظامه السياسي أشخاص تلّطخت آياديهم بدماء مواطنين عراقيين , وهم مطلوبين للعدالة بجرائم قتل وصادرة بحقّهم أوامر قبض من القضاء لم تنّفذ حتى الآن بالرغم من مرور سبعة عشر عاما على صدور هذه الأوامر , فهذا يعني أنّ هنالك خللا كبيرا في بنية النظام القضائي في العراق , فالعدالة لا تتجزأ بين أشخاص تطّبق بحقهم وأشخاص لا تطّبق عليهم ولا تصلهم يدها , كونهم قادة في تنظيمات سياسية .. في مقالنا لهذا اليوم سنعرض للرأي العام والشعب العراقي ولزعيم ( الإصلاح ) مقتدى الصدر واحدة من هذه الجرائم التي هزّت الضمير الإنساني في العراق ولا زال القاتل يسرح ويمرح دون وجل أو خوف من أحد , بل ويهدد النظام و القضاء ويشرف بنفسه على الفتنة , فلا زالت جريمة قتل الدكتور (علي جواد المهداوي) تؤرّق جبين العدالة وتؤرّق ضمائر السادة القضاة الذين يعرفون تفاصيل هذه الجريمة ومن قام بتنفيذها .. وملّخص جريمة قتل الدكتور (علي جواد المهداوي) يدور حول اختفائه في مصعد وزارة الصحّة في يوم 12 / 8 / 2006 مع سكرتيره واثنان من حراسه الشخصيين بعد اجتماعه مع الوزير الصدري ( علي الشمّري) , وكان المتّهم الأول في هذه الجريمة المروّعة هو الوكيل الإداري والمالي والقيادي في التيار الصدري (حاكم عباس الزاملي) بمساعدة المتّهم الثاني (حميد حمزة علوان) الذي كان يشغل منصب مدير الحراسات في وزارة الصحّة , ناهيك عن عشرات جرائم القتل التي نفذّها حاكم الزاملي في هذه الفترة , ومن بين هذه الجرائم قيامه بخطف وقتل المجنى عليهم كل من ( عمّار عبد العزيز الصفار وكيل وزير الصحة والدكتور علي جواد حسن المهداوي مدير عام صحة ديالى ومالك شريف ومزهر جواد حسن وزياد عزيز سبع وسعد خريبط وميثاق عبد الحسن ومؤيد يحيى حمودي وأحمد محمد محمود ويحيى حسن أبراهيم أضافة الى العشرات من الأبرياء الذين خطفوا وقتلوا ودفنوا في المقابر الجماعية وتحت مسمى الجثث المجهولة , وأن ملّف التحقيق الخاص بهذا السفاح يثبت تورطه بالمزيد من هذه الجرائم ..
الملفت والمخزي في هذه القضية أنّ قاضيا بعثيا هو (زهير عبد الصاحب الكناني) الذي كان في تسعينات القرن الماضي قاضي تحقيق الأمن في محافظة المثنى , والذي أصبح فيما بعد رئيسا لمحكمة جنايات الرصافة المركزية هو الذي أفرج عن المتّهمين ( حاكم عباس الزاملي و حميد حمزة علوان ) , حيث قرّرت المحكمة الجنائية المركزية في الرصافة / بتاريخ 3/3/ 2008 بالدعوى المرّقمة ( 224/ج1/2008 ) إلغاء التّهم الثلاث الموّجهة إلى المتّهمين والإفراج عنهم وإطلاق سراحهم حالا لعدم كفاية الأدلّة ضدّهما في الجرائم المنسوبة لهما , حيث قام جلاوزة حاكم الزاملي بالتواطئ مع القاضي البعثي ( زهير الكناني ) أقارب القيادي في التيار الصدري ( أمير الكناني ) بمنع وتهديد كلّ من المدّعين بالحق الشخصي والشهود من الحضور إلى جلسة المحكمة , وقيام القاضي البعثي ( زهير الكناني ) بالإفراج عن حاكم وحميد رغم الأدّلة التي تليت علنا .. وبالمناسبة عندما سأل الضابط الأمريكي الذي جلب المتّهم حاكم الزاملي إلى المحكمة عن قرار الحكم وقالوا له إفراج , صعد إلى المنصّة التي يجلس عليها القاضي زهير وأشرّ بأصبعه له ( أي بعبص له بأصبعه ) , وهذه الواقعة مشهورة ومحط تنّدر كلّ القضاة , لكنّ هذا القاضي البعثي الذي كان عضو فرقة في حزب البعث المجرم قد كوفئ وتمّ ترقيته إلى نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية بمساعدة أقاربه القيادي في التيار الصدري أمير الكناني والقيادي الآخر أبو فراس المطيري شقيق أحمد المطيري .. ومن لم يسمع عن سيرة القاضي البعثي ( زهير عبد الصاحب الكناني ) فليسأل أهالي مدينة السماوة عن سيرة هذا القاضي وما فعله بقضية الصائغ ( عبد الأمير كريم أبو خشّة ) رحمه الله ..
لكنّ محكمة التمييز الاتحادية بعددها المرقم/141/هيأة عامة/2008 في 30/3/2010 قد أصدرت قراراً تمييزياً يقضي بنقض قرار الإفراج الصادر من محكمة الجنايات المركزية في الرصافة ذو العدد/224/ج1/2008 في 3/3/2008 والذي يقضي الإفراج عن المجرم حاكم عباس موسى الزاملي وجماعته وقد طلبت محكمة التمييز الاتحادية بقرارها أعلاه من محكمة التحقيق التعمق بالتحقيق مع المجرم حاكم الزاملي ومجموعته كونهم متورطون بجرائم موّثقة لعمليات الخطف والقتل والتسليب وهناك شكاوى مقيدّة ضدهم من قبل المدّعين بالحق الشخصي التي تؤكد قيامهم بهذه الجرائم , وبعد نقض محكمة التمييز لقرار الإفراج الصادر عن حاكم الزاملي , صدر أمر قبض وتحرّي بحقه , ومنذ ذلك اليوم وحتى هذه اللحظة لم ينّفذ أمر القبض بحق حاكم الزاملي , علما أنّ إضبارة الدعوى لا زالت في جنايات الرصافة , وكلّما تحرّك الدعوى تسرّب إلى حاكم معلومة من داخل قلم المحكمة ليحضر هو وعصابته ويؤخر التنفيذ , حتى وصل به الحال أن حاول ليلا عن طريق عصابته من محاولة سرقة الإضبارة بغيّة إتلافها , حتى اضطرت المحكمة إلى حفظها في قاصة المحكمة وفي مكان آمن .. بدوري أتوّجه إلى القضاء العراقي وإلى محكمة جنايات الرصافة واطالبهم بأسم العدالة وبأسم دماء الضحايا الأبرياء الذين لقوا حتفهم على يد هذا السّفاح وعصابته , أن تعاد محاكمة حاكم الزاملي وعصابته وينفيذ أمر القبض الصادر بحقّه فورا , وبدون هذا لا أحد يحدّثني عن قضاء مستّقل وعادل ..
أياد السماوي