هذه سطور مشرقة من سيرة الداعية الكبير الحاج ابو صاحب كاظم يوسف جاسم التميمي الذي افجعنا رحيله عن عالم الدنيا يوم الخميس الاول من ايلول 2022م توخيت فيها الاختصار قدر الامكان راجياً ان تكون جزءاً من الوفاء لهذا الداعية الكبير الذي تعلمنا منه الكثير.
وهي شذرات مختصرة لا تفيه حقه جمعتها مما سمعته منه شخصياً ومن مصادر قليلة منها كتاب الكاتب صلاح الخرسان “حزب الدعوة الاسلامية حقائق ووثائق” وجل المعلومات الاخرى استفدتها من لقاء طويل ومهم جداً اجراه الصحفي المغيب توفيق التميمي “فرج الله عنه” مع الداعية الكبير نشره في الجزء الثاني من كتابه “شهادات عراقية.. حوارات في ذاكرة عراقية”
أعد القراء الكرام بنشر اللقاء كاملاً على شكل حلقات اضافة الى مقال طويل احتفظ به كتبه الداعية الكبير قبيل سقوط النظام البعثي يمثل رؤيته لعراق ما بعد 2003، علها تكون بمجموعها اضافة الى هذا المقال ومقالات اخرى صدرت من آخرين مادة للباحثين الاكاديميين وغيرهم للكتابة عن هذه الشخصية المهمة في تاريخ بلدنا العظيم ومدينتنا البصرة المعطاء.
ـ ولد الداعية الاسلامي الكبير الحاج كاظم يوسف جاسم التميمي “ابو صاحب” في محافظة البصرة/ قضاء شط العرب عام 1942م وترترع فيها.
ـ اكمل دراسته الاولية والثانوية في مدينة البصرة وانتقل الى بغداد للدراسة في الجامعة المسنتصرية/ كلية الاداب/قسم اللغة الانكليزية ووصل الى المرحلة الثالثة فيها واضطر الى تركها بسبب الملاحقة من قبل السلطة البعثية.
ـ كان من أوائل المنتمين الى تنظيم الدعوة الاسلامية في البصرة
ـ كان عضواً في اللجنة المحلية الثلاثية الاولى لتنظيم الدعوة الاسلامية في البصرة مع عضوين آخرين هما الداعية الكبير الشهيد عبد الامير المنصوري “ابو مصعب” والداعية الكبير المرحوم السيد هاشم ناصر حمود الموسوي ” ابو عقيل”.
ـ يعد الحاج ابو صاحب من جيل الدعوة الاسلامية الثاني بعد جيل المؤسسين، ومن جيل الدعوة الاسلامية الاول في مدينة البصرة.
ـ تسلم الحاج ابو صاحب مسؤولية تنظيم الدعوة في مدينة العمارة عام 1963م.
ـ خرج الحاج ابو صاحب من العراق مضطراً الى دولة الكويت في الثاني من تشرين الثاني عام 1972م بسبب اعتراف احد الدعاة عليه في آمن سوق الشيوخ من جراء قسوة التعذيب.
ـ اقام الحاج ابو صاحب في الكويت 7 سنوات وفي ايران 13 سنة، وفي كردستان 3 سنوات، وفي الولايات المتحدة الامريكية قبل سقوط النظام البعثي 3 سنوات اضافة الى السنوات الاخيرة من حياته العامرة بالايمان والعمل الصالح.
ـ تعرضت عائلته للاعتقال من قبل النظام البعثي.
ـ تعرض الحاج ابو صاحب “رحمه الله” للاعتقال من قبل سلطة البعث هو ومجموعة من المتظاهرين في مدينة البصرة الذين تظاهروا احتجاجاً على اذاعة بيان اتهام السيد الشهيد مهدي الحكيم بالتجسس من اذاعة بغداد.
_ كان عضواً في لجنة الكويت الاولى للدعوة الاسلامية.
ـ كان الحاج ابو صاحب من ضمن افراد قلائل زاروا المرجع السيد محسن الحكيم “رحمه الله” قبل وفاته في مرضه الاخير في مستشفى ابن سينا في بغداد.
ـ يرى الحاج ابو صاحب ان فكرة تأسيس تنظيم الدعوة الاسلامية بدأت بين شخصيتين هما الطبيب جابر عطا والاستاذ الشهيد محمد هادي السبيتي طالب الهندسة.. وكانت الاجتماعات الاولية تضم اسماء كثيرة، ولكن فيما بعد اقتصرت هذه الاجتماعات على [تسعة] اشخاص فقط، وهم الذين شكلوا الدعوة الاسلامية، ولم تعرف باسم حزب الدعوة في ذلك الوقت، فتشكلت الدعوة.. بدايات 1959 أو نهاية 1958، وكان مؤسسوها [التسعة] الاوائل هم الدكتور جابر عطا والسيد محمد باقر الصدر، وطالب الهندسة محمد هادي السبيتي ورجل الدين السيد مرتضى العسكري، ورجل الدين السيد محمد مهدي الحكيم نجل المرجع آية الله السيد محسن الحكيم، ومحمد صالح الاديب، والسيد طالب الرفاعي، والسيد محمد باقر الحكيم،[وعبد الصاحب دخيّل].
ـ الحاج ابو صاحب كان يقول باستاذية الشهيد محمد هادي السبيتي على الشهيد عبد الصاحب دخيّل وسمعت منه شخصياً قوله: “كان اذا تحدث الشهيد السبيتي كان الشهيد دخيّل يصمت احتراماً لاستاذه”.
ـ كان الحاج ابو صاحب كثير اللقاء بمؤسسي الدعوة خصوصاً الشهيد عبد الصاحب دخيّل الذي كان يزور البصرة كثيراً. كذلك الشهيد السبيتي الذي تعرف عليه الحاج اول مرة في مدينة كربلاء حسب ما سمعته منه شخصياً، وكان يعتبر الحاج ابو صاحب من اقرب المقربين للشهيد السبيتي، فقد وسطه الشيخ الآصفي “رحمه الله” لاقناع الشهيد السبيتي في البقاء في ايران بعد موجه من النقاشات والاختلافات في وجهات النظر بداية عقد الثمانينيات، وعندما ناقش الحاج ابو صاحب مع السبيتي فكرة البقاء والعمل في ايران اجابه السبيتي بالقول “اذا وجدت اثنين غيرك يطيعونني في ايران فسوف ابقى فيها”.
ـ كان الحاج ابو صاحب يرى ان فهمه لنظرية الدعوة هو الفهم الاقرب لما اراده المؤسسون والمنظرون الاوائل للدعوة الاسلامية، كما كانت له آراء عقائدية تختلف عن الفهم العقائدي السائد وكان مقتنعاً ومتمسكاً بها الى آخر يوم في حياته رغم اختلاف الكثيرين معه حتى من زملائه ورفاق دربه من الدعاة.
ـ من اقواله “رحمه الله”: (ان الاسلاميين في العقود الاخيرة ابتعدوا عن اصل النظرية، فلا الاخوان بقوا أخواناً، ولا الدعوة بقيت دعوة في مبادئها الاولى والاصلية).
ـ سأله احد الصحفيين: (ترى اليوم اداء جماعتك من الاسلاميين وهم يديرون المشهد السياسي فيما بعد مرحلة الدكتاتورية، وكيف تنظر في اسباب هذا الاخفاق حتى هذه اللحظة حيث تغيب التنمية ويحضر الفساد وسوء الخدمات، وكيف ستكون الافاق المستقبلية للإسلام السياسي في العراق؟
أجاب “رحمه الله” قائلاً: (.. يتحدث الاسلاميون اليوم في خطاب لا يكشف عن أية اصالة بما يشبه الازمة الفكرية والثقافية أو ارتداداً عن المبادئ والافكار الاولى التي آمن بها الجيل الأول ودفع من أجلها التضحيات الجسيمة، وهذا ينطبق على الاسلاميين المحسوبين على الشيعة والسنة معاً، يفهمون السياسة اليوم على انها محكومة بالواقع السياسي المفروض من قوى الخارج على ارادة الأمة وهم بذلك يفتقدون الى آفق واضح لانتشال الأمة من واقعها المرير والمتردي، وهم يتخبطون الآن فيما يسمى بالعمى السياسي.
خيار الانتخابات لا يكشف الانتماء الحقيقي للأمة ولا خياراتها المصيرية في هذه المرحلة، وهي موجه سطحية لا يمكن ان تُبنى عليها هوية الأمة في هذه المرحلة.
أما افق المستقبل فانه سوف لا يستقر على حال، فالأمة حتى هذه اللحظة لم تخل من الرواد والمفكرين النبلاء والنخب الفاعلة، ولكن اصلاح الأمر والتأسيس المطلوب يتطلبان تجميع الطاقات والتواصل في منظومة متكاملة من الرؤى الوطنية الجامعة. لأن تشتت الرؤى ما بين الاسلاميين خاصة يؤدي الى المزيد من تشرذم الواقع وتشتيت طاقاته وانغلاق افقه المستقبلي، توجد هناك ارهاصات ايجابية.. توجد نخب تتمسك بأصالتها الاسلامية، لكنها مبثوثة هنا وهناك لا ينظمها رابط فكري أو تنظيمي، يمكن حصول صحوة أو انتباهه تُعيد التصورات الصحيحة والسليمة للعودة الى الذات الاسلامية المفقودة حالياً.
الهوية الحالية يؤطرها الغبش وعدم الوضوح والضبابية وهي ليست هوية واضحة المعالم، هناك فراغ للإسلام الحركي الحقيقي في المشهد السياسي العراقي، ولا تلمس وجود نوايا مخلصة وجادة من غير الاسلاميين ايضاً، والنتيجة المشتركة سيعيش العراق في فراغ سياسي كبير لفترات غير قصيرة مقبلة.