كلّما جرى قصف إيراني أو تركي داخل الأراضي العراقية بحسب مصالح البلدين التي تبدو في كل المعايير، أعلى من المصلحة العراقية، يبرز سؤال من دون إجابة، وماذا بعد القصف؟ لا أحد يجيب من السلطويين الرسميين في البلاد، لكن الإجابة متيسرة، أوضح من الشمس وهي انّ ما بعد القصف هو قصف جديد آخر.
وإذا كان القصف التركي يلاحق حزباً واحداً محظوراً يشن هجمات داخل تركيا فإنَّ إيران تقوم بهجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة لأسباب سياسية أكثر منها امنية، كما فعلت قبل شهور في قصف أربيل بصواريخ بعيدة المدى على خلفية الازمة والتحالفات السياسية في العراق، وكما حدث يوم الاربعاء الأخير في قصف مناطق حول أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق.
في ذات الوقت، توجد مشكلة عويص حلها وغير متوافر للسلطات، وهي رجم المنطقة الخضراء بالصواريخ والهاونات في أي وقت وتبعاً لارتفاع مناسيب الازمة السياسية وانخفاضها. فضلا عن الاتفاق النووي الإيراني غير الموقع الذي ترتبط به عودة الهجمات على محيط السفارة الامريكية ومناطق أخرى.
لا توجد دولة تعاني من هذه الأوضاع الشاذة التي تنزع عن أي بلد صفة الدولة سوى سوريا التي تتعرض للقصف الاسرائيلي باستمرار، وغالبا بسبب وجود اهداف إيرانية او متصلة بإيران على الأراضي السورية.
اذا كانت هجمات القصف الخارجي المتكررة تعني الدولة العراقية فإنها مدعوة أن تدخل في مفاوضات جادة مع دول الجوار المعنية بهذا الملف من اجل الاتفاق على أسس احترام حسن الجوار. وأظن انّ التفاوض حول أمور سيادية للبلد اهم من التوسط بين ايران والسعودية، وهما بلدان لن يلتقيا الى ابد الابدين لأسباب معروفة وراسخة الا اذا تغير النظام في احدى العاصمتين.
دول الجوار لديها مصالح مهمة في العراق ، ولعل الملف الامني من بين مصالحها ، و ان توافر حكومة لها إرادة وطنية لفي يوم ما سيكون بمثابة التعاطي بالمثل مع اية دول جارة لا تحترم علاقات حسن الجوار، ودون ذلك يعني ان هناك موافقات ضمنية على ان تتصرف دول الجوار داخل البلد بما تراه مناسبا ، لاسيما في الملفات التي لا تقوى الحكومات العراقية المتعاقبة على حلها فضلا عن عدم توافر النية والقدرة على حسمها ايضاً ..