أغمضُ كل أجفان مخَاوفي لتنامَ قليلاً،
أهدهِدُهَا حتى تخمدَ عن آخِرهَا،
كما تخمدُ الظلالُ حينما تعلقُ بأذيالهَا شمسُ الهاجِرة،
وأغتنمُ الفرصةَ لألتقي بأشيائي القديمة،
لأمسحَ عنها غبار غياباتهَا الطويلة،
لأمازحهَا دونمَا خوفٍ،
أخْرِجُ من دولابَ الذاكرةِ تصَاوير أقراني من فتكَ بهم الموت ذات حزنٍ قديم،
أمسدُ وجوههمُ الورقية حتى يفيضُ منها البرقُ،
حتى تفيقُ بكل تفاصيلهَا فتلقي تحايَا العودة،
أسبحُ و جسدِي جهة معطفينَا على شَاطئ الريح،
لنستعيدَ قدرتنَا على الامتدادِ في الهشيمِ،
وأشهرُ في وجهِي ما ظننتُه بالأمسِ القريبِ فضِيحة،
و جرماً لا تقبلُه أصابعِي التي ازدادتْ عرجاً حينما رافقتُها في رحلةِ البحثِ عن ملمسٍ مَا،
أنا خائفٌ يا أصابعِي من أن أكُون واضِحاً معكِ مرة أخرى،
فتسفك دمي ملاسَة القرميدِ الذي يغطِي جسدي،
لنعتَدل قليلاً في جلستِنا السِرية أمام المِرآة،
لنميطَ لثام الحيرةِ عن أوجهنَا المتقايسة القسماتِ،
فالمارُون قبالتنَا لا يحسِنونَ ارتشاف قهوة المساءِ دُون ذكرنَا بسوء،
يسخرونَ منا إذا أنا فرقعتكِ نكاية بالوقت الذي يمرُ متخفياً أسفلنَا،
إذا أنا رافقتكِ مرة أخرى إلى غاية نهاية بناياتَ جسدِي،
لنكون أكثرَ جرأة قبل أن تفيقَ مخاوفِي،
لنضعَ حداً للأشجار التي تنمُو بغزارة فوقنَا،
لنلتقِي وجها لوجه بالسماء التي لا تحسنُ الاصغاء لقرعِ نعالنَا،
نخبرها أن الباقي من الزمنِ لا يكفي لنصنعَ فُلكنَا،
لا يكفِي لنُصلحَ بئراً معطلة في رمالنَا المتحركة أسفلنا كالوقتِ،
غداً موعدُ الشِتاء في أعماقنَا،
لنكرعَ كؤوسَ النبيذ قليلاً يا أصابعِي الطويلة،
حتى نعيد للزجاجاتِ الغائرة في جليدها أعناقهَا القديمة،
و نعيدُ للرعدِ المجلجلِ دورَ الفحولةِ على خشباتِ الغيمِ،
وللِدُمى المتراصةِ على رفوفِ الواجهاتِ تنانيرهَا القصيرة،
و حتى ألقى مخاوفِي دون ذاكرة مَا،
دون ثيابِي،
ما عاد يلزمُني هذا الحريقُ بداخلي،
بقدر ما تلزمنِي زغاريد أطول فوق نعشِي،
أخافُ يا أصابعِي،
من تهجيةِ كل الألفاظ التي تتضمنُ استعاراتٍ مكنية عن مخاوفِي،
فأنا لا أجيدُ دحرجةَ جسدي فوق شهواتِي دون أن أستشيرَ القبيلة،
أغداً ألقاكِ يا مخاوفِي ؟
وأنا ليس معِي سوى أصابعِي،
تلهثُ ككلابِ الحي خلفَ الحقيقة .