ما كشفه السيد جعفر محمد الصدر بشأن “تخلي” حلفاء التيار الصدري عن مشروع حكومة الأغلبية، الذي كانوا قد اتفقوا عليه مع السيد مقتدى الصدر، يعني أن السيد مقتدى حرص على الالتزام بالمشروع لكن الأخرين، الديمقراطي الكردستاني والأخوة السنة، سرعان ما تخلوا عن الالتزام بالمشروع حتى النهاية. وهو مشروع كان عملياً سينقل العراق خارج المحاصصة الطائفية.

هم قالوا أن “الإطار” مستعد للتعويض عن مقاعدهم، وفي التقدير الموضوعي للحقيقة السياسية والقانونية والدستورية هي أن استقالة، أو تحفظ نصف مجلس النواب، يعني إسقاط شرعيته، بل يثير مشكلة دستورية وقانونية و”دولية” بشان شرعية السلطة القائمة بدون التحالف الذي كان على رأسه الصدريون. في ظل حقيقة أننا ما زلنا تحت “ذيول” البند السابع.

لست هنا لمناقشة مدى صواب قرار استقالة كتلة الصدريين من البرلمان، فهذا موضوع قد فات وقته، لكن الحقيقة الكبرى هي أن بقاء الصدريين في البرلمان بدون مشاركتهم في الوزارة كان سيخضعها لرقابة برلمانية مكثفة، كما أن طروحات الصدرين وحلفائهم كانت ستؤدي لإحراج كل الكتل النيابية الأخرى غير الحليفة، ويسقطها في نظر الناخبين ممن صوتوا للإصلاح والتغيير، بالتالي كان إسقاط النظام السياسي سيجري ضمن أطر السلطة التشريعية وهي الأعلى في كل سلطات الدولة، مهما كابر الآخرون.

إن أسباب الانتفاضية الشعبية التي انطلقت عام 2011 ما تزال قائمة، بل والأصح أنها باتت أعمق وأكثر قوة، لذلك فأن أي قبول من التيار الصدري لمقاعد وزارية لن يستقيم مع القيم التي أدت لاستقالة الكتلة الصدرية، وليس أمام التيار الصدري غير التواصل مع القوى التشرينية في البرلمان، ممن لم يتم شراؤهم، بجانب قوى التيار المدني الديمقراطي وحركة الوفاق، لتصعيد حملة حراك جماهيري سلمي بكل الوسائل المتاحة، ضمنها التواصل مع الأمم المتحدة، من أجل الطعن في شرعية النظام السياسي القائم على المحاصصة والفساد.إن ما أشار له السيد جعفر الصدر، وهو شخصية رصينة، كنت منذ عام 2014 قد توقعت له دور قيادي في بناء الدولة العراقية المدنية الديمقراطية، بشأن محاولة محاصرة التيار الصدري سواء بالترهيب أو الترغيب وشراء الذمم، فأنني اعتقد بأن الأزمة ستظل ترفد الصدريين وبقية القوى المعارضة بالمزيد من الجماهير، لكن المشكلة الكبرى هي هل هناك وعي بالتعامل مع القوى والأطراف المعارضة كونها “شخصيات” مستقلة وليست تابعة أو “ملحقة” بالصدريين؟ إن التحدي الكبير الذي يواجه السيدين مقتدى وجعفر هو القدرة على جمع إطراف معارضة “مستقلة” وفق صيغ تحالف واضح يكون أساسه المشاركة في صياغة القرار بدون هيمنة التيار على الآخرين؟أتمنى من هذا المنبر أن نعي كيف أن “الإلحاق” والدمج وتحويل القوى السياسية إلى تابعين أو تصفيتهم، كيف قادنا إلى الكوارث، وأمني نفسي في أن تكون قيادة التيار الصدري مؤمنة بحقوق “الآخرين” في التحالف المقترح، وألا يتم تصريح أو قرار بدون قبول كل الأطراف المتحالفة، كي لا نكرر تجربة الحزب القائد والزعيم الضرورة، مع كامل الاحترام لتضحيات آل البيت منذ تسميم سيدنا الإمام الحسن وذبح سيدنا الإمام الحسين وتصفية الهاشميين في عراق ما قبل تموز 58.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *