يُعد العراق من البلدان التي تتمتع بمزايا سياحية، تفتقر لها الكثير من الدول الاخرى، اذ يتوافر بلدنا على اكثر من صنف سياحي، تتوزع بين الطبيعية والتاريخية والدينية، وبالتالي، لو كان العراق قد تمكن من ادارة هذا الملف الحيوي بنحو صحيح، بعيدا عن التجاذبات والمماحكات السياسية وتداعياتها التي اصابت الكثير من المفاصل بالشلل، لكان حالنا اليوم غير الذي نحن فيه، ولتراجع دور النفط الى الوراء..
ولكن في المقابل، وعلى الرغم من ظروف البلد الدائمة الاستثنائية، فإن ثمة حركة سياحية تنشط في بعض المناسبات، لاسيما الدينية منها، ولعل الملايين الذين دخلوا العراق لاداء الزيارة الاربعينية، يؤشر بوضوح مثل هذه الحركة، وبالتالي فإن الحال بحاجة الى وضع خطط وسياسات بعيدة المدى تُسهم في النهوض بواقع القطاع السياحي، لرفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي بمستوى اعلى بكثير مما هو عليه الان.
وهنا يتحدث الكثيرون عن ضرورة الذهاب باتجاه التركيز على فرض رسوم عالية مقابل منح تأشيرة الدخول للسياح الاجانب، ولنا ان نتصور حجم الايرادات التي ستتحقق اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار تزايد اعداد الداخلين الى البلاد عاما بعد عام.
وقد يكون مثل هذا الطرح منطقيا من الناحية الاقتصادية، ولكن اجدني اختلف مع هذا التوجه، لان الفائدة الحقيقية لاتتحقق من خلال رسوم التأشيرة، وان كانت تمثل مصدرا جيدا، اذ تلجأ الكثير من البلدان الى الغاء التأشيرة السياحية، في اطار سياسة اجتذاب السياح، انما الاثر الاقتصادي الفعال الذي يمكن ان تحققه السياحة، يتمثل بما ينفقه السائح داخل البلد، فيما يرتبط، بالنقل والمطاعم والفنادق، والتبضع، … الخ وبهذا الاسلوب يمكن ان تتحرك الكثير من المفاصل والفعاليات الاقتصادية.
وقبل ايام اعلن رئيس الوزراء اللبناني عن الغاء التأشيرة للعراقيين والاقامة وجعلها مجانية لمدة شهر قابلة للتمديد لمدة ٣ اشهر، بهدف تحريك السياحة التي تأثرت بظروف الدولة اللبانينة.
كما يمكن الاشارة هنا الى ان زوار الاربعينية قد لاتنطبق عليهم اليات تحريك الاقتصاد المشار اليها انفا، لان المجتمع العراقي يتبنى توفير الطعام والشراب والسكن للزوار طيلة مدة مكوثهم داخل الاراضي العراقية، وهذه قضية محكومة بمنظومة قيم اخلاقية ودينية، يؤمن بها العراقيون..
ولكن في الظروف الاعتيادية اعتقد ان الوضع مختلف تماما، وهذا بطبيعة الحال يستدعي الاهتمام بجميع المتطلبات السياحية، التي تغري السائح بالمجيء الى البلد، مثل شبكة الطرق، واساطيل النقل وسلسلة الفنادق والمطاعم ومرافق الخدمات، وسواها من المتطلبات، وعدا ذلك فإن الحديث عن قطاع سياحي ببقاء الحال على ماهو عليه، اظنه حديث لايمت للواقع بصلة.. اليس كذلك؟
—–

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *