مرّت سنة على اجراء الانتخابات النيابية الموصوفة بالمبكرة او المنقذة من الوضع المتداعي بعد اندلاع انتفاضة تشرين ذات الدماء المقدسة. ولا نزال عند نقطة الصفر ليس من الممارسة فقط، وانما من الوعي بأهمية فكرة التداول السلمي للسلطة والبُعد عن النزعة الطائفية بحجة التوافق والتراضي والعدالة. دخل العراق في خلال هذه السنة المتقلبة بالأحداث الجِسام وبعضها دموي، في متاهة البحث عن سبيل لإجراء انتخابات مبكرة أخرى بطعم إلغاء السابقة ونتائجها والتطلع الى بديل ينقل البلاد الى الطريق الرئيسي لأية دولة تحترم ذاتها وشعبها والخلاص من الطرق الترابية والموحلة، الفرعية والخلفية التي تلتف على عنق الوطن كأذرع الاخطبوط.
لعل أول مطلب تردد في ساحات الانتفاضة التشرينية كان تعديل الدستور بما يتيح من وسائل تطهير البلاد من الفساد وتحقيق العدالة ورفع شأن المواطنة كقيمة عليا يعتز بها أي بلد منذ فجر التاريخ. غير انّ تداعيات هذه السنة وخروقاتها للقيم الإنسانية والوطنية قبل الدستورية، باتت تحث على جعل أي تعديل للدستور العراقي في حال جاء ذلك اليوم لمراجعته وتعديله، ينصب على فقرة المواعيد الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية او للحكومة. والاجدر بالتعديل لهذا البند الدستوري أن يلغى ويحل مكانه نص بند يدل على الزمن المفتوح الذي ليس له قيمة اعتبارية في الفعل الوطني.
معظم بنود الدستور مغشي عليها ومهملة ولا أحد يلتفت اليها، بل انّ الدستور كله لا يتذكره المواطنون لأنه اجيز في فترة الحرب الطائفية السياسية ويوم كانت جميع الأوراق ملتبسة ومختلطة والاعلام النزيه المعرّف بالدستور غائباً أو منحازاً.
تهمة الخرق الدستوري بات حضورها أقوى بكثير من أي بند دستوري، بل لعلّ من المضحكات المبكيات ما يستدعي ان يجري تثبيت بند ينص على شرعية الخرق الدستوري وحالاته وعدد مراته المسموح بها و أوقاته والعقوبات المترتبة عليه، بما يحوّل بند الخرق مادةً أساسيةً والمواد الأخرى تدور في هوامشها.
سنة كاملة فيها دروس عميقة لكن المتعظين منها قلة، لذلك يبدو انّ الأبواب لا تزال مفتوحة على تكرار الأخطاء، وفرص النجاح تبقى محدودة