(اذا شئتَ يَوْمًا أَنْ تسود عشيرة …
فبالحلم سدّ لَا بالتّسرّع والشتم)
العشيرة هي رابطة إجتماعية متحدة مكونة من مجموعة من الاشخاص تجمعهم رابطة الدم والنسب (الجد الواحد غالبآ) فينشأ بينهما ما يسمى العقد الإجتماعي المتماسك مما يزيد من تلاحمها في المواقف والمناسبات الإجتماعية المتعددة لتشكل مجتمعة كيانها ومنظومة العادات والتقاليد الخاصة بها ، والتي تعكس هويتها ومنظومتها الاجتماعية والأخلاقية التي تتفاعل بها مع المجتمع المحيط بها .
لكل عشيرة كبيرها أو رمزها الذي يتولى إدارة شؤون العشيرة وتنظيم أمورها ، وهذا الرمز أو الشيخ يتمتع بمقومات شخصية وقيادية تميزه عن غيره من ابناء العشيرة ، فيكون رجلاً عاقلاً فطناً حكيماً كريمآ شهمآ وصاحب أخلاق عالية وتجربة حياتية واسعة مما يؤهله ان يكون قادراً لتنظيم وتنسيق شؤون العشيرة وذلك ببث روح التعاون والتآزر بين أفرادها.
وهنا نتوقف لنطرح السؤال الاتي:
هل عمل (الشيوخ) القدوة على تعزيز السلوكيات الإيجابية ومحاربة اي سلوك فردي شاذ لاينسجم مع منظومة قيم وعادات وتقاليد تلك العشيرة واخلاقيات المجتمع؟ وهل ضبط بوصلة افراد عشيرته بالاتجاه الصحيح وعزز فيهم القيم الانسانية وعدم التجاوز على الاخرين لاتفه الاسباب؟ وهل كان امره نافذاً على افراد عشيرته دون اي اعتراض منهم؟ وهل يقودهم لاصلاح ذات البين بدون ثمن او انتزاع الحقوق بالقوة مع العشائر الاخرى دون مراعات لقوانين الدولة او حرمة دم الانسان وتهديد حياته للخطر؟
الاجوبة لهذه الاسئلة متفاوتة بين عشيرة واخرى حسب البيئة وتوجهات وعقائد وفقه العشيرة . فمانراه ونسمعه في الغالب ان (بعض) العشائر( افرادها) وللاسف الشديد تمادت في طريقة انذار المخطىء او الذي سبب ضررا او عاهة بحق احد افرادها ومارسوا بعنف مفرط ( الدكة العشائرية) من خلال الرمي بكافة الاسلحة المتاحة وبث الرعب في نفوس افراد المجتمع حتى ولاتفه الاسباب ، نحن لاننكر ان الجاني يجب ان ينال جزاءه العادل سواءً كان قاصداً بفعلته او غير قاصداً . نحن لسنا من يمثل القانون والمحكمة والدولة ، فالقانون حتماً سيقتص من الجاني وهناك حق خاص لعائلة المتضرر وعام للمجتمع .
لابد للعشيرة ان تحافظ على مكانتها وتنال إحترام بقية العشائر من خلال ضبط سلوكيات أبنائها وافعالهم بكل حزم وصلابة، فعليها أن تحاسب المخطىء من ابنائها .
ولعل من اهم وأخطر هذه الافعال هي استغلال ابنائها للدعم العشائري ليتجرأ بالإعتداء على حقوق الآخرين وحرماتهم وممتلكاتهم ، مستهتراً بكل القيم الدينية والأخلاقية وبحرمة النفس البشرية التي حرم الله قتلها او الإعتداء عليها الا بالحق.
ان غياب او تغييب دور الكبار والرموز العشائرية من الرجال الصالحين من أصحاب القيم والأخلاق الذين يخافون الله ولا يضرهم من خالفهم في قول كلمة الحق، الذين لا يقبلون الإساءة مهما صغر حجمها، وكان لهم الفضل، فيما تبقى لدينا من هذه القيم الصحيحة وظهور شخصيات ركيكة وغير واعية لخطورة دورها مدعية تمثيلها (كشيوخ) للعشيرة اسقط هيبة العشيرة وكان له الأثر البالغ وهو السبب لما نراه في مجتمعنا من سلوكيات وأفعال جامحة ومشينة وغريبة على مجتمعاتنا ولا تنسجم مع قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا.
اننا أمام مسؤولية اخلاقية تتطلب ان يساهم فيها الجميع في محاربة هذه السلوكيات الشاذة .
لابد أن تعيد عشائرنا الموقرة بناء كيانها لكي تعود إلى ما كانت علية عبر تاريخها العريق والمشرف الذي كان صمام الأمان والحاضنة الاجتماعية .
ولكي تعود منظومة القيم والأخلاق كما كانت عليه والتي كانت هي هويتنا الوطنية التي حملها أجدادنا وأبنائنا ونالوا بفضلها إحترام العالم بأسره .