كم هائل من التفاؤل ، يقابله كم هائل من اليأس ، يتداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، بشأن تكليف السيد محمد شياع السوداني .
الفريقان يبنيان تصوراتهما على العاطفة ، بغياب العقلانية في التحليل، فالسوداني وقع بين محب غال وعدوٍ قال .
والحق يقال ان فرص نجاحه اكبر من فشله، فهناك عوامل عديدة تقف الى جانبه وتعطيه زخماً قويا ودافعاً كبيراً كي ينجح في مهمته .
اولها :
ان السوداني من الجيل الثاني من السياسيين الشيعة وهو من جيل الشباب ، و من عائلة معارضة معروفة قدمت الكثير للوطن ، ولم يكن قياديا بارزاً في المشهد السياسي ما بعد سقوط النظام، وهذا يعني انه لم يكن يتحمل سيئات المرحلة الماضية .
وكذلك هو من سياسي ِّ الداخل ، ولم يحمل غير الجنسية العراقية، وهذه من النقاط الحساسة التي كانت محل جدل في اوساط العراقيين .
كما و يعتبر السيد السوداني موظفاً مسلكيا ً تدرج في السلم الوظيفي ، فهو من موظف الى قائمقام مدينة العمارة ومن ثم عضوٍ مجلس محافظة ميسان ، محافظ ميسان ، وعضو في مجلس النواب وبعدها وزير . يعني ذلك ان لديه خبرة وظيفية تختلف عمن سبقوه ، وربما صقلته المسؤوليات التي تسنمها وافاد منها .
ثانياً : نقطة مهمة يجب الالتفات اليها وهي : ان الاطار الذي رشح السوداني سيُجبر على دعمه والوقوف معه ككتله كبيرة في البرلمان لتمرير مشاريعه وخططه في ادارة الملفات المهمة ، وذلك لاسباب منها ان الاطار وضع كل “بيضه في سلة السوداني” ، ففشله يعني نهاية الاطار وكل الكتل والاحزاب المنضوية تحت يافطته ، فبعد المعارك الطويله والمضنية التي خاضها الاطار على الصعيد السياسي والشعبي ، لابد له ان يثبت انه جاد وعازم على التصحيح ، وان لا يعيد تجربة المرحبة السابقة .
ثالثاً : الموقف الدولي المساند للسوداني ،الذي يمنح مساحة ً مريحة للحركة والتواصل مع العالم ، ولعل تغريدة السفيرة الامريكية في بغداد تعكس تلك الصورة فقد قالت ” تلتزم الولايات المتحدة بالدعم والشراكة مع الحكومة الجديدة لتعزيز الاهداف المشتركة ” .
ثم رغبة المجتمع الدولي والاقليمي باستقرار العراق، و هذا ما عبرت عنه الدول مراراً وتكراراً واخرها فرنسا .
رابعاً: الترحيب الداخلي بتكليف السوداني ، وصمت السيد الصدر ، رغم تغريدته الاخيرة التي اعلن فيها عدم اشتراكه في الحكومة ، لكنه لم يعرقل عملها، وسيكتفي بدور المراقب لعملها، وهو دور معارض مهم جداً ، سيقوِّم عمل الحكومة .
كما يشير اعتراض الصدر الى انه لم يقصد شخص السيد السوداني.، بقدر ما يعني الاعتراض على ” الاطار ” وهذه النقطة بالذات مهمة في عمل رئيس الوزراء المكلف ، واذا ما نجح فسيكون الصدر اول الداعمين له .
امام اسباب وعوامل الفشل فهي تعتمد بالدرجة الاولى على تدخل الاحزاب والكتل السياسية بعمل الوزارات ،وفرض مشاريع تعارض توجهات ومشروع رئيس الوزراء .
عدم تنفيذ وعوده الانتخابية وسعا انه التي رفعها ستجعله في موقف حرج وستوجه السهام اليه .
فقد وعد بتخفيض رواتب الدرجات الخاص ورفع مستوى رواتب الطبقة الوسطى ، تنفيذ مشاريع خدمية لصالح الفقراء ، تخفيض سعر الصرف ” ولعل هذه النقطة في غاية الصعوبة ”
ومن عوامل الفشل كما في الدوارات السابقة محاباة المسؤولين والمتنفذين في منح المناصب واطلاق ايديهم ليعبثوا بالدولة والمال العام .
عدم محاسبة الفاسدين والتساهل معهم وان يكون حازماً في قراراته .
الحذر من الحاشية والمستشارين المتملقين .
التعامل مع الاعلام بحذر ، وان يختار مستشارين اعلاميين مهنيين يعرفون كيفية التعامل مع الاعلام ، ولديهم علاقات وخبره بالوسط الاعلامي العراقي والعربي ، وان لا يقع بنفس المطبات التي وقع بها اسلافه .
وأخيراً على السيد السوداني ان يختار وزرائه بعناية وان يكون قادراً على محاسبتهم عند الخطأ والتقصير.
وان لا يجلس في المنطقة الخضراء ويكتفي بسماع وقراءة التقارير ويصدر قراراته بناء على ذلك ، يجب عليه ان يتحول الى قائد ميداني يتجول في المحافظات وفي شوارع بغداد يطلع على احوال الناس وهمومهم يزور الفقراء ، يتابع الاعمال والمشاريع واعمال الوزرات ودوائر الدولة .
يخفف معاناة اهالي بغداد بفتح الطرق والممرات ، ويراقب عمل الاجهزة الامنية. باعتباره. القائد العام للقوات المسلحة .
العراق يحتاج الى حاكم يشارك شعبه همومهم ويحل مشاكلهم، لا ان يجلس في قصره ويرى البلد من خلال شاشات التلفزيون .
مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة وستذلل بالصدق والايمان بالوطن وخدمة الناس.
العراقيون ينتظرون وسيفرحون بكل خطوة حقيقة .