مما لا شك فيه أن المرحلة القادمة التي سيقودها السيد محمد شياع السوداني في رئاسة الوزراء هي من أخطر المراحل وأصعبها وأكثرها تناقضاً كونها ستواجه تحديات كبيرة ، وسيتصدى المكلف لرئاسة الوزراء الى ملفات قد تصل الى عظم بعض القوى السياسية.
أهم هذه التحديات هو الشارع العراقي ، فهذا الشارع سواء كان الشارع المؤدلج او الشارع العام وبسبب الاداء السيء للحكومات السابقة اصبح ناقماً على العملية السياسية برمتها ويرفض التعامل الإيجابي مع أي حكومة قادمة ، لذلك الأشهر الستة الأولى من عمر الحكومة ستكون جس نبض لهذا الشارع ، فأذا أدرك الشارع أن هذه الحكومة جادة في عملها سيتفاعل بقوة مع هذه الحكومة وربما يتحول الى داعم كبير وحقيقي لها.
التحدي الاخر هو الكتل السياسية نفسها سواء المشاركة في الحكومة او المعارضة ، فهذه الكتل والاحزاب اصبح لها مكاتب أقتصادية ونفوذ عميق في كل دوائر ومؤسسات الدولة ، وهذا يعني إن أي فتح للملفات قد يعرض هذه الأحزاب الى خسارة فادحة وقد تقوض حكومة السوداني أذا شعرت بالخطر يهددها ، أذن يجب التعامل مع هذه الملفات بمشرط الجراح الماهر الذي يستأصل الورم الخبيث دون المساس بالجسد حتى يتعافى الجسد من هذا الورم الخبيث ، وحتى لو أدى ذلك الى فقدان بعض أجزاء ذلك الجسد أفضل بكثير من موت الجسد بكامله.
التحدي الآخر هو ملف الخدمات والأقتصاد ، بعد أن عانى الأقتصاد العراقي من ركود مقصود نتيجة رفع سعر الصرف للدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي ونتائجه السيئة على الأقتصاد العراقي ، وآثار الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة ولم تفلح في تطبيقها ، بل زادت عمليات تهريب الأموال من خلال مزاد العملة وتم رفع الدعم عن السلع الأساسية وغياب الدعم للمنتج المحلي ورفع الضرائب والرسوم.
كل هذه التحديات الأقتصادية والخدمية ستكون أمام حكومة السوداني بشدة وتحتاج حلول جذرية وناجعة ، ولا يفيد الترقيع في حلول هذه المشاكل . بل مواجهتها وإيجاد حلول نهائية وتشريعات تدعم الأجراءات الحكومية الهادفة الى حل هذه المشاكل.
التحدي الآخر هو في مجال السياسة الخارجية والتوازنات المطلوبة في هذه العلاقات ، وكون هذه الحكومة منبثقة من الأطار التنسيقي ، ستواجه هذه الحكومة اتهامات أنها موالية لأيران ، ومن هنا يتطلب من السيد السوداني إيجاد نوع من التوازن في علاقات العراق الخارجية ، خصوصاً مع الدول التي لها تاثير في الداخل العراقي ، وأي أساءة لهذه العلاقات او الأنحياز لطرف على حساب طرف آخر سيحرك الداخل بأدواته المعروفة والتي سبق وأن أستخدمتها هذه الدول لتنفيذ أجندات بالداخل العراقي .
تبقى التحديات الأخرى أقل حدة في مسائل مثل السكن ومعالجة الفقر والبطالة ومشكلة المياه والزراعة والصناعة والنقل.
القائمة طويلة ومهمات الحكومة القادمة صعبة ومتشعبة ، ولكن إصرار وتحدي السيد السوداني وفريقه يجعل الموضوع أكثر تفاؤلاً في إيجاد فارق في الاداء السياسي وتحمل أعباء المرحلة القادمة.
العراق بلد كبير ومتنوع الأعراق وله مكانته الدولية ولازال محط أنظار وأهتمام العالم ، لذلك يتطلب أدارة حكيمة لهذا البلد تستطيع ان تعيد للعراق مكانته الاقليمية والدولية وان يشعر المواطن باهمية بلده من خلال خطوات ملموسه تشعره انه في بلد مختلف عن باقي بلدان العالم ، وتحويل النظرة السيئة عن العراق من بلد غير قابل للعيش الى بلد متحضر تلتقي فيه كل ثقافات العالم وتسجد له كل الحضارات ، بلد ينعم اهله بالامن والسلام.