إذا استمرت بالتتابع رسائل التنصل من حضور القمة العربية على مستوى الزعامات فإنّ من الاجدر ان تتجرّد القمة من اسمها التقليدي وتحمل اسم مشاورات او مباحثات عربية. ذلك انّ الاصل المتعارف عليه وليس المنصوص عليه في ادبيات الجامعة العربية هو اجتماع الزعماء العرب وتدارس وضع بلدانهم في خلال سنة كاملة
هناك بلدان لها مشكلات ناشئة او قديمة مع البلد المضيف للقمة الجزائر، ومن ثمّ ترتأي ان تقلل مستوى تمثيلها، وهذا خطأ كبير، اذ لا توجد عاصمة عربية استضافت القمم السابقة او اللاحقة إلا ولها مشكلات بينية مع دول أخرى ، ويجب ان تكون القمة العربية المساحة التي يلتقي عليها الجميع تحت خيمة المعنى المؤسساتي للجامعة العربية، وقد افرغها العرب انفسهم مع السنوات من محتواها وتأثيرها، كما انّ للجامعة ذاتها مشكلاتها الهيكلية والداخلية التي لم تمكنها من التطور بما يتناسب مع أزمات العرب المتسارعة واحوالهم المتفجرة لاسيما في العقد الأخير.
تمثيل بعض الدول العربية من خلال وزراء خارجيتها، هو استخفاف بالقمة، ذلك انّ وزراء الخارجية العرب لهم اجتماعاتهم التقليدية التمهيدية المصاحبة لكل قمة قبل الانتقال الى المستوى الأعلى من التمثيل.
لابدّ ان يكون هناك في النظام الداخلي للقمم العربية سياق تنظيمي أكثر صرامة حول التمثيل في الحضور، وعدم ترك المسألة تبعا لظروف الدول وربما أمزجتها أحياناً. لابدّ من نص تنظيمي واضح يشير الى انّ تغيب ربع عدد الزعماء العرب يعني عدم عقد القمة وتأجيلها، لأنها تفقد معناها وقوة قراراتها وتوصياتها أيضاً.
إنَّ تملص الزعماء العرب من حضور هذه القمة او غيرها يعني انهم لا يريدون حسم مشكلات عالقة لهم مع زعماء اخرين تحت الخيمة العربية وانهم اختاروا ميادين دولية او إقليمية أخرى وبديلة فعليا للتعاطي مع المشكلات. وهذا سبب اخر للطعن في مدى جدوى عقد القمة التي يلجأ الحاضرون فيها والغائبون عنها الى أماكن أخرى للبحث جديا في مشكلات البلدان العربية التي يمثلونها. هذا مسار خاطئ من مسارات العرب في العقود الثلاثة الأخيرة، له ان يزيد ظلمة الوضع العربي الذي لن تصلح احواله الدول الكبرى أبداً، وانَّ البداية الصحيحة هي في التعاملات العربية السياسية ذات العزم الناجز في تولي المسؤوليات وتحمل نتائجها لصالح العرب جميعا. لكن، مع الأسف، هذا مفقود