بقلم | الكاتب نصير جبرين

 

 

حكايات عجيبة غريبة وغير معقولة في تاريخنا تنام على أحداث عبَرَت حدود القدرة البشرية ، وتوشحت بتحركات الجن والعفاريت التي أضافتها الذاكرة الجمعية إليها ، فخرجت إلينا خرافات vip.

وفي ماضينا القديم ، خزعبلات تسللت من شقوق الخيال ، فاستلمناها شهية ساخنة ، رغم معرفتنا بأن كلّ ما فيها محض خيال ، والهدف منها سدّ النوافذ الشاغرة في حياة الناس ، وإضفاء أجواء المتعة والمرح على نفوسهم المتعبة .

وإذا كانت خرافات الماضي تعتمد على الخيال ولا تمت إلى الواقع بصلة ، فإنّ خرافات اليوم تنبع من بطن الواقع ، وتخرج من رحم الحياة ، وهي تنمو في دمائنا ، وتنضح من مسامات جلودنا ، وتشاطرنا المأكل والمشرب ، وتسير معنا إلى المرافق العامة والخاصة ، وتطاردنا في يقظتنا وأحلامنا ، حتى تحولت حياتنا بفضلها إلى أسطورة كبيرة .

والرمز في حدوته الأمس غير الرمز في حدوته اليوم ، فأساطير الأمس رموزها تذوب قبضاتهم شوقا لعناق قبضات سيوفهم ، ويطيرون فرحاً عند منازلتهم العاديات ، ويرقصون عندما يكون النصر حليفهم ، السندباد وهو يخوض غمار البحار ، ويتنقل من نصر إلى نصر ، وانكيدو يصارع كلكامش ، ويتخطى محيطات الخوف وبحار التردد ، والزير سالم يدّك الأرض بقوّة قدميه ، ويقذف غضبه في نفوس أعدائه ، وحصان طروادة يرعد ويزبد ، وصهيله يشق عنان السماء ، وشهريار ينتقم ويتوعد ، ومن عينيه يمطر الغضب . مانشاهده اليوم فأبطالها عميل ولوگي وذيل وجاهل يعشقون العبودية هوايتهم تقبيل الايادي ، بل يتباهون بالتبعية ، ويتبجحون بالانبطاح للأجنبي ، ويبيعون أوطانهم من أجل منصب وضيع ، أو حفنة من مال حرام ، والناس حولهم تسحقهم حوافر الهزيمة نتيجة التصحر والجفاف الذي هيمن على رؤوسهم .

وللحديث بقية …..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *