إن الارتفاع والانخفاض في أسعار النفط يخضع إلى العديد من المتغيرات، منها سياسية واقتصادية ومناخية، وأن أسعار النفط حتى مع انخفاضها فهي اعلى من الرقم المحدد في الموازنات المالية العامة، وهذا ما يبعد الاقتصاد عن الخطورة والتدهور. ومن المتوقع أن تصل الإيرادات النفطية خلال العام الجاري في ظل انخفاض الأسعار من 90 الى 100 مليار دولار، بالتالي إمكانية تغطية نفقات العام الماضي، والقضاء على العجز المالي تماما، وكي لا يكون المواطن مستبعدا وليس لاعبا أساسي فيها، من الضروري توظيف الأموال الناتجة عن إيرادات النفط في القطاعات الصناعية والزراعية وعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي.

وفي مقابل اليأس من وجود موازنة لعام 2022 وأن العام القادم 2023 قد يمضي أيضا بلا موازنة، نتيجة لتعمّق الأزمة السياسية، ويتم إعادة الاعتماد على قوانين بديلة مثل، الأمن الغذائي، وغيره لتغطية أبواب الانفاق الضرورية، وهي تحركات لا تعوض أهمية الموازنة والتأثير الكبير الذي يتركه على نواحي تمس حياة المواطنين

أن الموازنة هي خطة مالية واقتصادية لا غنى عنها، وغيابها يعني تراجع العملية الاقتصادية، وهو ما يحدث حاليا، وأن السياق المتعارف عليه منذ عام 2014 هو تعويض غياب الموازنة من خلال الصرف وفق قانون الإدارة المالية، لتأمين رواتب الموظفين من خلال معادلة صرف ما قيمته 1 على 12 من قيمة آخر موازنة مقرة في البلاد، وأن هذا لا يحل مشكلة الاقتصاد لأن المتغيرات في الزيادة السكانية ومشاكل الاقتصاد الدولي وتقادم البنى التحتية والحاجة إلى الدرجات الوظيفية الجديدة هي عوامل تؤثر كثيرا على البلد في ظل هذه الفوضى.

رواتب مؤمنة

أن رواتب الموظفين في ظل استمرار هذا الوضع ستكون مؤمنة بالحد الأدنى، وليس بالشكل الطبيعي. ستلجأ الكثير من المؤسسات إلى سياسة التقشف ببعض مشاريعها المهمة وسوف تتراجع خدمات الدولة أكثر فأكثر. وسيعزز غياب الموازنة مشكلة نقص السيولة، والإضرار بشكل مباشر بالنشاط الاقتصادي حيث تراجع القطاع التجاري ومبيعات التجار بشكل تدريجي من 70 مليار دولار سنويا إلى 32 مليارا، وربما سينخفض العام القادم إلى تحت الثلاثين مليارا، وان الضعف الحاد بالقوة الشرائية وغياب الموازنة يضرّ بالتجارة وأصحاب المشاريع لتتسع الهوّة وتشمل تجار الجملة والمستوردين والقطاع الخاص الذي لن يجد سوقا لنشاطه وترويج منتجاته في ظل هذه الفوضى الاقتصادية. بالتالي سيلجأ الناس إلى الاكتناز خوفا من تفاقم الوضع وهذا يؤدي بدوره إلى فقدان القيمة النقدية التي ستغيب بشكل لافت عن السوق.

في حال عدم إقرار موازنة عام 2023 فإنه يمكن للبرلمان أن يتخذ ذات المسار لإقرار قوانين تتعلق بمشاريع معينة، وأن البرلمان وبشكل عام غير قادر على تقديم قانون الموازنة لأن الدستور يشترط وجود حكومة بصلاحية كاملة تقدم المسودة إلى البرلمان من أجل مناقشتها والتصويت عليها، بالتالي حكومة الكاظمي غير قادرة على تقديم المسودة أن حكومة السوداني أن منحها البرلمان الثقة خلال الشهر المقبل وهو ما قبل الاخير للسنة المالية يعني أنها تصارع الزمن لتقديم مسودة مشروع قانون الموازنة العامة لمجلس النواب وكما هو معروف ان البرلمان ياخذ وقت في تشريع الموازنة التي تخضع للمساومة والتقاسم وفق المحاصصة ، بالتالي في احسن الاحوال ان تمكنت الحكومة والبرلمان من انجاز الموازنة ستكون في شهر حزيران من العام المقبل.

مشكلة تأخير تشريع قانون الموازنة العامة لا تكمن في رواتب الموظفين، فأن غياب الموازنة يؤثر على مشاريع الكهرباء والطرق والجسور والمستشفيات والمراكز الصحية، فضلا عن المناطق المحررة، ولا توجد نية لدى القوى السياسية الحاكمة في تجاوز الأزمة، بل مجرد إدامة النظر إلى الخراب المالي والاقتصادي الذي يحيط بالبلاد.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *