تتيح لنا الحياة ، في كل خطوة أوحركة ، مجموعة من الخيارات ، ومتى ماأحسن الإنسان إنتقاء الخيارالإفضل ، فبالتأكيد أن هذا الإنتقاء يعطيه فرصة للإرتقاء ، وكلما كان إنتقاءه للأشياءوالعلاقات والمسارات صائباً كانت فرص الإرتقاء أكثر…لكن كيف ننتقي ؟ كيف نختار ؟ كيف نميز بين الخيارات المتاحة أمامنا ؟…بالتأكيد أن الخيار الأمثل لايأتي بضربة حظ ، وإنما عن طريق النظرة العقلية المتفحصة لكل الخيارات المتاحة في كل موقف ، وتأمل مواطن القوة والضعف في كل خيار ، ومن ثم الخروج بحصيلة ، تقود الإنسان الى سلوك الخيار الأفضل …

قد يحصل صراع بين ميول النفس وبين مايقرره العقل من قناعات …النفس تلح على تلبية رغبات ، والعقل يشير الى الأصلح …وهنا تبرز الحكمة وحسن الإنتقاء ، ولاشك أن الإنقياد للنفس فيما تشتهي وترغب وتميل يضع غشاوة وغطاء يحجب الرؤية الكافية ويحول دون الإختيار الأفضل …بينما الإنتصار للعقل ، والإنصياع لأوامره ، وسماع صوته ، رغم مايرافق نداء العقل من مرارة أحياناً ، لكن هذه المرارة ، شبيهة بمرارة الدواء الذي أعد للعلاج ، فالعبرة بالنتيجة وليس بالطعم المؤقت .

لكي نرتقي ، لابد أن نُحسن الإنتقاء ، وهذا الإنتقاء لابد أن يستند ويقوم على تفكير عقلي سليم ، لاتؤثر عليه رغبات النفس وأهواءها ،ولامايبرزه المشهد الذي يظهر لنا في لحظةٍ معينة أو موقف معين ،والرجوع إلى العقل لدراسة المشهد بتأني

وتأمل الصورة مرةً اخرى ومرات وصولاً الى القناعة المطلوبة .

كلام مثالي

قد يكون الكلام المتقدم مثالياً ، بعض الشيء ولكن تلك هي الحقيقة…ولأننا نستعجل أحياناً في خياراتنا ونغفل دور العقل في الإنتقاء ، نقع في نتائج لاترضينا في النهاية. بين الإنتقاء والإرتقاء تلازم وإرتباط ، ومن أراد الإرتقاء فليحسن الإنتقاء .العقل قائد ، والوعي دليل ، طبعاً مع التوكل على الله سبحانه وتعالى .

من الطبيعي اننا نقترب ونتوافق وننسجم مع أشباهنا ، لكن هذا الإقتراب والتوافق والإنسجام لايقدم لنا كشفاً جديداً ، لأننا ألِفنا ذات الصفات وذات الطبائع في أنفسنا أولاً ، وعندما وجدناها في الآخر ، كإنما ظهر لنا إنعكاس ذواتنا في الآخرين…هكذا يبدو لنا ، وإن كان في الواقع ، أن هذا التشابه قد يتخلله اختلاف في جوانب أخرى لم نلحظها .

أما من خلال أضدادنا فإننا نقف على جوانب لم نألفها ، جوانب جديدة ، تجعلنا نبحث عن تفسيرات مقنعة واجابات عن كثير من التساؤلات التي تواجهنا ونحن نلتقي بأولئك الأضداد …قد تكون تفسيراتنا صحيحة وإجاباتنا على تساؤلاتنا أجابات مُصيبة ، وقد تكون ليست كذلك نسبياً على الأقل . وعلى كل حال…الأشباه والأضداد يمثلان أحد ركائر تجربة الانسان في الحياة ، وبقدر عمق تلك التجربة وغناها بالمواقف المختلفة ، تتكون رؤيته لما يحيط به من علاقات وارنباطات ، بما يمكنه من تقييم كل موقف إيجاباً أو سلباً وهو مايمكن أن نطلق عليه اختباراتنا …وبطبيعة الحال فإن تلك الإختبارات تتيح لنا إختيارات قائمة على أسس نتعقلها وفق مانؤمن به من مباديء وقيم وحصيلة ثقافية واجتماعية….الخ . وفي الحقيقة ان الاشباه والاضداد…مسألة نسبية كذلك…لأختلاف الناس في طبائعهم وسلوكياتهم …فما يكون على النقيض مني قد يكون متوافقًاً مع أخر …لكن حتى يكون إمكاننا ان ننظر الى الاشباه والاضـداد كمفاهيم موضوعية ، علينا ان نتصور جملة من السلوكيات الطبائع المقبولة ما يقابلها من غــــــــير المقبولة ضمن المعايير التي نؤمن بها ، ففي هذه الحالة يتجاوز موضوع الاشباه والاضداد دائرة الافراد الى دائرة الوسط الاجتماعي .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *