بقلم / الكاتب ناجح صالح
======= حينما نتحدث عن وطننا فلا نجزم بأن الناس كلهم أشرار وأن الدنيا خلت من الخير .. لا ، لن نقول ذلك ، غير أن واقع الحال يكشف عن مدى التغيرات التي طفحت على أبناء الوطن ..تغيرات فيها ملامح من سوء العاقبة ، ذلك أن الأخلاق لم تعد هي الأخلاق المتعارف عليها من قبل بما فيها من قيم ومثل وسلوك .
هي أزمة أخلاق حقا والمسئول عنها الدولة أولا والأسرة ثانيا .
فحينما تضعف سلطة الدولة وتفصلها هوة عن أبنائها تكون رياح السموم قد فعلت فعلها لتقتلع كل بادرة أمل للخير
ان مسؤولية الدولة تأتي بالمقام الأول في هذا الصدد فان فقدت مقوماتها بات الناس على حرج في سلوكهم ، أما ان كان فيها عدل واستقامة بات الناس على خير .
وفي ضعف الأسرة وتفككها ينحدر أبناؤها الى الهاوية ، ذلك أنهم لم يجدوا في رب الأسرة العون في انقاذهم من أسباب السقوط .
فها هو الأب منشغل عن أبنائه بالطمع أو الطموح الذي لا تنتهي حدوده مبررا فعله هذا بأنه يكد لتوفير الحياة الأفضل لأسرته من غير أن يدرك أنه نرك هذه الأسرة في مهب الريح .. انه سوء تقدير وجهل يجعل الأبناء حائرين في سلوكهم لينحرفوا عن جادة الطريق .
انه لم يعد يخفى على أحد أن وحدة المجتمع أصابها خلل وأن بوادر الانقسام بدت واضحة جلية ، وهي أخطر الآفات التي تواجه المجتمع ، وأن حبل المودة قد انقطع وأن العلاقات الاجتماعية أصبحت مهددة بالتفكك والانهيار حيث سادت الأثرة وحب الذات والجشع والطمع .
وأن شباب هذا الوطن أصبح حائرا قلقا من الغد الذي ينتظره في الوقت الذي ضاعت منهم فرص العمل بعد جهود سنوات أمضوها في دراستهم ، لذا فهم يرون الحياة بمنظار اليأس فانساق معظمهم وراء اشباع النفس بنزوات وأهواء زادت من معاناتهم ،اذ ليس الحل بالمتعة الزائلة ولا باللهو البذيء .. وكان الأحرى بالدولة أن تنظر الى هذه الطليعة بمنظار الجد والعزم لتجعل منهم رجالا بررة لوطنهم .
أما الصبية الذين فقدوا آباءهم في ظل الارهاب وفقدان الأمن فان الشارع تلقفهم ليكونوا عالة على وطنهم , ومع أن أمهاتهم الأرامل يحاولن أن يكسبن رزقهن بأنفسهن فقد حرمن بدورهن من طعم الحياة لأن الدولة وقفت عاجزة من انقاذهن من وطأة المعاناة التي يشعرن بها .
ان المسألة برمتها تحولت الى أزمة أخلاق والى خوف من المستقبل المجهول الذي ينتظر أبناء هذا الوطن .
ولعل أخطر ما يواجهنا هو هذا الفساد المستشري في كل ركن وفي كل زاوية ، حتى أصبحت الرشوة أمرا مقبولا لا غبار عليه ، والسرقة مكسبا وتفاخرا لدى البعض بدلا من أن تكون وصمة عار على جبين أصحابها .
ذلك أن المعضلة بدأت تباشيرها أيام الحصار الجائر ثم ازدادت واتسعت منذ بدء الاحتلال ، وما أدراك ما الاحتلال وما الذي يهدف اليه ؟
ترى هل يعود الود والحب الى واقع الأسرة مثلما كان في الأيام الخالية ؟ وهل يعود الأمن والأمان الى الوطن بأجمعه ؟
ذلك ما نرجوه .. وألا تكون أزمة الأخلاق أزمة مستديمة تأخذ بخناقها على فلذات أكبادنا فنخسرهم ونخسر أنفسنا معهم .