الخبر الذي زفه الينا الناقد والاديب علي الفواز رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتـــَّــاب في العراق بترشيح د. محسن الموسوي لجائزة النيل العربية ، وهي اكبر جائزة تمنحها مصر ، اثلج الصدور ، ليس في العراق او البلدان العربية ، إنما في العالم ، لما يتمتع به الناقد والكاتب العراقي الكبير الموسوي ، من ثقل معرفي وفكري ، توّجه بحصد العديد من الجوائز ، عربية ودولية وجامعات رصينة .
ومعروف ان هذه الجائزة تعدّ أرفع جائزة مصرية تمنحها الدولة لمفكر أو مبدع او ناقد عميق الاثر .
ويأتي هذا الترشح الجديد ، في اعقاب حصول د. الموسوي على جائزة الشيخ زايد للكتاب 2022 في فرع ” الثقافة العربية في اللغات الأخرى” على منجزه الموسوعي المهم كتاب “ألف ليلة وليلة في ثقافات العالم المعاصر: التسليع العولمي والترجمة والتصنيع الثقافي”، وقبلها جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب سنة 2022 وموضوعها ” دراسات الأدب العربي باللغة الإنكليزية” كما نال جائزة العويس في النقد الأدبي ، . وجائزة الكويت في اللغة العربية وآدابها سنة 2018 اما الجوائز الاكاديمية من الجامعات العربية والاجنبية ، فهي عديدة ، وذات سمات ودلالات على النبوغ الفكري في استقراء ماضي وحاضر الادب العربي بعمقه التاريخي .
وحين نمر على السيرة الذاتية للدكتور محسن جاسم الموسوي ، نجدها ملآى بالكثير من المحطات ذات الافق المعرفي الواسع ، فهو ابتداءً رافق شقيقه المفكر الكبير عزيز السيد جاسم الذي يكبره بثلاث سنوات ، في مسيرة الوعي المبكر ، وفي نشأة القراءات العميقة ، فتأثر به كثيرا ، وتوسعت مداركه ، فكتب القصة والرواية ومارس الترجمة والنقد والبحث الاكاديمي ، قبل وبعد حصوله على الدكتوراه عام 1978 من جامعة الهاوزي الكندية ، وقد درّس في عدد من الجامعات منها جامعة بغداد و الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة صنعاء وجامعة عمّان الأهلية ، وجامعة تونس الأولى ، وشغل كرسي أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك ..
وعندما نبتعد عن الجانب الابداعي لهذه القامة العراقية ، وندخل عالمه الذاتي ، فسنجد مئات المواقف التي تمثل المعرفة والإنسانية فهما عنده مترادفتان .. شخصيا ، تعرفتُ على ابي رواء في العام ) 1965 شكلاً ) حينما كنت في زيارة للأستاذ ناصر حسين البدري صاحب جريدة ” الأنوار” وهي جريدة اسبوعية ادبية كانت تصدر في ستينيات القرن المنصرم ، واثناء وجودي في مكتبه دخل علينا شاب ، انيق المظهر ، جميل الشكل ، ذا مهابة واضحة ، حاملا معه اوراقاً وصور شخصية ، ولم يطل البقاء ، خرج بعد ان سلم الاستاذ البدري ما يحمل .. وعند خروجه .. القى البدري نظرة على تلك الاوراق ، وقال لي ، ان الجريدة اتفقت معه ( ويعني الشخص الذي دخل قبل لحظات) ، على تزويدنا بلقاءات وآراء نقدية وادبية ، وبعثها الى رئيس تحرير الجريدة الزميل كامل المشاهدي .. وبعد اربعة ايام ، وتحديدا يوم الثلاثاء 6 تموز 1965 قرأت تحقيقا ثقافيا مهما في هذه الجريدة بقلم ” محسن الموسوي ” كان المتحدثون فيه القاصة سالمة صالح وعزيز السيد جاسم وابراهيم الزبيدي وعبد الرحمن مجيد الربيعي ..
ولم اشاهد الموسوي إلا في العام 1969 حين استلم قسم الترجمة بجريدة ” الثورة ” وكنت انا احد محرريها ، وقد ذكّرته مرة بصحيفة ” الانوار” فضحك ، ضحكته المحببة المعروفة ، وعندما صدرت مجلة ” الغد ” التي اسسها ورأس تحريرها الاستاذ عزيز السيد جاسم ، انتدبتُ اليها ، وبقينا نتزاور فالمجلة والجريدة في مبنى واحد .. وبقى حال الود ساريا مع كل المواقع الرفيعة التي تسنمها الموسوي في وزارة الاعلام .. ولن انسى يوما موقفه حين اغلقت مجلة ” وعي العمال ” التي كنت رئيسا لتحريرها في العام 1988 حيث ارسل بطلبي، يوم كان مديرا عاما لدار آفاق عربية ، وقال انه رشحني لشغل رئاسة تحرير مجلة ” فنون ” .. لكني انتقلت الى عمل آخر ، فلم يسعدني الحظ ان اعمل معه .. وطال الفراق ، حتى التقيته في العام 1999 في تونس اثناء حفل اقامته السفارة العراقية ..
فرحون بك بروفيسور محسن الموسوي .. انت رمز عراقي كبير.. كبير ، هنيئا لنا بك