كان هناك إلحاحا تشريعيا..لطالما لوحت به الطبقة السياسية الفاعلة في في كل الدورات البرلمانيه السابقة..وكانه العلاج السحري الذي سيداوي جراح العراقين..وينهي ملفات معانتهم للأبد..الا وهو تشريع قانون الخدمة الإلزامية..نحن لسنا ضد قانون كهذا..لكننا نعتقد إن الظروف غير مؤاتية لتنفيذه..على الصعيد الإقتصادي والأمني والثقافي والمعرفي.. وحتى على صعيد البنى التحتية اللازمة لذلك ..فهي لم تعد متوفرة بالشكل اللائق والمطلوب..والحكمة تقتظي التروي ودراسة الأمر بدقة ومن كافة الجوانب.
كلنا يدرك أهمية انتهاج السياسات والسبل الكفيلة بعودة اللحمة الوطنية والنسيج الإجتماعي..الى سابق عهده..وتجاوز مرحلة التوتر والانقسام والانغلاق..التي حدثت بعد التغير..وتجاوزها إلى الأبد..وبناء روابط وطنية قويه ومتينه..واذا كانت الخدمة الإلزامية ستساهم فعلا في إعادة علاقات التعايش وتجسير الكثير من روابط الود والاخوة وانضاج مفهوم العلاقة الوطنية..وان الظروف الحاليه مؤاتيه لتنفيذه فلا اعتراض لنا على ذلك مطلقا..ولكنا نتسائل ونضع عدة نقاط على طاولة البحث والنقاش..وندعوا الأخوة المشرعين إلى تمعنها والنظر فيها مليا.
فهل المساق إلى الخدمة الإلزامية قد تلقى تعليما مثاليا وكافيا؟ ..وقد امتلاء علما ومعرفة وتجاوز ثقافة بيئته المحليه ولم يعد مهتما بها أو مؤدلجا على ضؤها؟.
هذا مانطمح إليه جميعا..بان لا نرى معسكرات التجنيد وقد امتلأت بمجاميع منعزلة ومتباغظة..الكل تنبش في الماضي وبكل مافيه من روايات كاذبة ومغلوطة تدعوا إلى تكفير الآخر واقصاءه وعدم الإيمان به .
ومن حقنا أيضا إن نورد حالة أخرى..قد عشنها فعلا ولمسنها بايدينا..ولا أحد من العراقين يختلف معنا فيها..وكانت من ابرز أمراض الجيش العراقي خصوصا في فترة التسعينات..انها الرشوة والفساد المالي..الذي يتم التعامل به مع أغلب الجنود المكلفين..وبما إن أغلب الرتب العسكرية..هي لمنتسبين مخظرمين..قد رافقتهم هذه الظاهرة بعد التغير..علما إن مرتباتهم الحاليه تعادل ماكانوا يتقاظونه زمن الدكتاتورية اضعاف مضاعفه..وبذلك تنشاء طبقه جديده من الأمراء ومختلف الرتب..وقد اصبحت تتمتع بالثراء الفاحش..مع تميع واضمحلال الغرض الحقيقي والهدف الاساسي المراد من تشريع هذا القانون.
ومن حق المواطن العراقي إن يقلق كثيرا..في ظل النشاط المحموم للجماعات الارهابية والتكفيرية..وتوغل المليشيات والجماعات الخارجة عن القانون في معظم مؤسسات الدولة لاسيما الأمنية منها..وتمكن تلك القوى وقدرتها للتوغل ودس انوفها في معسكرات المجندين الجدد..لاحداث شروخ وتشققات واحداث ثغرات وخروقات..قد تساهم بارتكاب جرائم بشعة شبيهة بجريمة سبايكر لاسامح الله.
من المعروف فإن الأنظمة الشمولية الدكتاتورية..تحاول دائما السيطرة على الشعب واخضاعة..باي أسلوب وطريقة لسلطتها الغاشمة..وتجعله سورا لحمايتها أو لتنفيذ سياساتها التوسعية وغزو البلدان المجاورة ..فقد اقحم الجيش العراقي إبان حكم الطاغية صدام..بمعارك خاسرة افقدته الكثير من شبابه الخير وطاقاته الواعده.
واعتقد أننا وفي ظل الديمقراطية لسنا بحاجة لجيش جرار قائم على الكم..ولسنا بصدد مقاتلت أبناء شعبنا..وان جيشنا اليوم يتمتع بكفاءة عالية قائمة على الحرفية والاختصاصات العلميه الراقية والرفيعة..اسوة بالجيوش المتطورة التي تعتمد الأسلحة الحديثة المتطوره ذات التكنلوجيا العاليه والتي تغني كثيرا عن زج الأعداد الكبيرة ودون جدوى.
نحن نؤمن إن النية حسنة وصادقة في تشريع قانون الخدمة الإلزامية..لكنه مستعجل كثيرا..وليست الظروف سانحة لتنفيذه..والاحرى بمشرعينا إن يلتفتوا إلى التعليم ويولوه الاهتمام الذي يستحقه خصوصا التعليم الإبتدائي..وان نبداء به من الصفر..وان نجعله شبيها بنماذج التعليم في اليابان وكوريا الجنوبيه وبريطانيا وكندا واستراليا..ينهي الطالب فيه مرحلته الابتدائية..وقد تفتحت فيه طاقاته الفكرية والثقافية والعلمية..ونضجت مواهبه واستعدادته الشخصية..عند ذلك فقط يمكن إن نطمئن إلى نجاح أي تشريع يدعوا الى فكرة المواطنة وسيادة ثقافة التنوع..ونبذ الأفكار الطائفية والشيفونية..بدلا من تشريع قانون وتنفيذه قبل أوانه..ويكون بابا لهدر الأموال وتضيع الجهد والغايات الوطنية النبيلة.