أسباب العودة واضحة .. لي على الأقل .. وهي خطورة الموضوع اولا ، وصورته المشوشة لدى الوطنيين ثانيا ، وجماهيريته بعد التسويق المشوش ثالثا ، وأيماني العميق بضرره الكبير رابعا فضلا عن ان لجنة الامن والدفاع (قافلة) على مناقشته
يتحدث الكثيرون عن ان جيشنا كان في الحقبة الفلانية والفلانية جيشا محترفا ، والحقيقة العارية تقول انه لم يكن محترفا منذ طبق فيه التجنيد الاجباري الى العام 2003 بسبب وجود الخدمة الاجبارية ، ولعله من المعيب تصور ان جيش زج به للخدمة دون ارادته جيشا محترفا كما نطلق على جيشنا قبل الاحتلال ، بل ان هذه التسمية تنطبق على جيوش المتطوعين الذين اختاروا الجيش (حرفة / مهنة) لهم ، وليسوا ضيوفا طارئين لفترات محدودة وقسرية …
عليه حالة التطوع بعد 2003 هي الأفضل لو لم يكن الجيش توزع حصصا وبقسمة ضيزى على الاديان والمذاهب والاحزاب والكتل وانتشر فيه الفساد الذي ضرب كل مفاصل الدولة العراقية
مبررات مؤيدي التجنيد الاجباري
1.يذهب معظم مؤيدو فكرة التجنيد القسري تحت ضغط الحنين الى جيوش الماضي وسمعتها العالية وجماهيريتها ، متصورين ان في الخدمة الاجبارية وحدة العراق من خلال ان ذلك سيخلق تعايشا بين الشيعة والسنة بينما الحقيقة تقول الآتي .
آ. ان الشعب متعايش بعد ان اكتشف اللعبة القذرة لبعض الاحزاب الطائفية .. مع ان الاحزاب الاسلامية في العراق طائفية برمتها بسبب ان تركيبتها واعضائها من الشيعة للأحزاب الشيعية ، ومن السنة فقط للأحزاب السنية .. ومن هنا نطور الامر من الكتلة النيابية الاكثر عددا الى (المكون الاكبر) ، وعندما تصل المحاصصة الى هذا الحد فلا ينفع معها حتى المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
ب. سأكتفي بمثل بسيط يؤكد اللاجدوى في هذا المجال وهو ان اليمن ارسلت لواء مشاة لدعم الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الايرانية كموقف قومي ، ولم تكن الحاجة اليه قائمة فقررت فرقتنا وضعه في الخلف ، وكانت حالات اطلاق النار عادية في ذلك اللواء فتهرع اليهم لنجد ان المعركة قائمة بين الفوج س والفوج ص لأن الاول من العشيرة س والثاني من العشيرة ص ، وأن عشيرتيهما حصلت بينهما مشاكل (دكات عشائرية) .. فكيف سيكون الأمر في بلد الدكة العشائرية رقم واحد ؟؟ ورغم ان الشعب العراقي هو اكثر وعيا من الشعب اليمني بل هو الشعب الذي تم قبول انتماءه الى عصبة الامم (الامم المتحدة ) كأول بلد في الشرق الاوسط ، الا ان عمليات التجهيل ونزع الهوية الوطنية والقومية ، وإحلال الهوية المذهبية بديلا عنهما رغم انها والحمد لله انكشفت كما اسلفتا الا انها فعلت فعلها الى حد ما .. وبالتالي فأن من يبحث عن الحل عليه ان لا يضر بميزانية شعبه وبإنتاج بلده ، فنرى مثلا ان تشريع قانون تجريم الطائفية ، هو الاكثر اهمية من التجنيد القسري
ج. حتى ان وجد قانون شرع لصالح الشعب فلا بد ان تكون هناك نسبة من دوافعه اعلامية لكسب رضى ( مكون ) وأعتقد غير جازم ان هناك نسبة من سنة السلطة يؤيدون الموضوع ، وأعتقد ايضا ان الحجة هي تحقيق التوازن في الجيش ، وهذه بدعة فالجندي البسيط ليس بيضة القبان في مجال التوازن ، ومن قال ان الشعب يريد التوازن المكوناتي بديلا عن حسابات المواطنة ؟؟ هناك الدافع والشعور الوطني وبصدده اقول هل ان الوطنية فقط في الجيش (خدمة العلم ) وهل ان المتطوع لا يخدم العلم ؟؟ ، وهل ان تعيين المحاضرين المجانيين ليس فيه وطنية ، وهل ان زيادة عدد الاطباء والأسرة والمسارح ونحن كان لدينا مسرح للطفل منذ سبعين عاما .. كل هذه لا وطنية .. الوطنية الحقيقية هي بتشجيع البحث العلمي والمختبرات وليس هذا الاجراء غير الوطني والذي هو ينطبق عليه المثل العراقي ( كمل الغركان غطة) … دعونا نحس بما وصلنا اليه كي نعرف بعدها معنى الوطنية
رافضو التجنيد الالزامي ومبرراتهم
2. انهم ممن يحبوا شعبهم وجيشهم ، ويريدون ان يكون جيشهم جيشا محترفا مهنيا يتكون ممن اختاروا (خدمة العلم) وليس الذين كسرت اراداتهم بخدمة العلم .. مع العرض ان خدمة العلم تتم بألف طريقة فكاتب الطابعة ، وعامل النفايات ، والكاتب الذي يحارب التجهيل والتكفير، والتحريض الطائفي والعاطل عن العمل الذي يربي اولاده على حب العلم ، وأحسن كل هؤلاء المواطن الذي يتطوع في الجيش ، وأقلهم جدوى هو من يساق قسرا للخدمة في الجيش ليهرب ليعود الينا مناضلا وسياسيا وحاكما .
3. ان سوق 20 مواليد في بلد صارت نفوسه 40 مليونا وفيه نسبة شباب عالية يحتاج الى 40 مركز تدريب و20 مديرية تجنيد ومديرية (عامة) للتجنيد ويحتاج الى رفد الانضباط العسكري بألف عنصر اضافي ، فضلا عن ذلك سيكون لدينا 200 الف جندي مكلف على مدار السنة براتب الحد الادنى (700) الف دينار سنويا اي اكثر من ترليون دينار سنويا وترليون آخر للتجنيد والتدريب ، وترليون للفساد فضلا عن ان في ذلك فرصة لضهور رتبة المشير من جديد ، والفرهود سيكون مباحا اكثر من اي وقت مضى
4. كل هذا بلا جدوى لأن من يجري صنع جاهزيته القتالية كمخابر على الدبابة ابرامز يستغرق سنة على اقل تقدير وعندما يكون جاهزا يتسرح من الخدمة فكيف اذا كان مشروع القانون اوصل خدمة حامل الماجستير الى نصف عام والدكتوراه الى ربع عام ؟؟
5. هل أن الدولة التي تضع (3) احتمالات اسئلة وتنتشر كلها قبل الامتحانات قادرة على سوق الجند والحدود مفتوحة ، والأحضان (الدافئة) للعشائر والاحضان القوية لعشرات الفصائل المسلحة ؟؟ ، وماذا ستفعل الدولة عندما يرفض زعيم فصيل مسلح سوق مقاتليه ؟؟ اعتقد ان الحل يكمن في حينه بتشريع قانون يعد الخدمة في الفصائل المسلحة مجزية لخدمة العلم وسينقلب السحر على الساحر
6. كنت متقاعدا (محاربين) يوم طلب مني ف. أ. ر سلطان هاشم وزير الدفاع الاسبق رأيا بشكل شخصي بأعاده تدريب الاحتياط لمدة شهرين فأجبته بأنه سيفتح صفحة من صفحات الفساد الذي انتجه الحصار القذر وسيكون بلا جدوى ، وهذا ما حصل .. فكيف الامر اليوم والفرهود غطى الرؤوس .
خاتمة طويلة
العقيدة العسكرية لمن لا يعرفها هي ليست كالعقائد التي نسمع بها بل هي باختصار شديد تجيب على اسئلة كثيرة منها حجم القوات المسلحة المطلوبة ومهامها ، والتسليح والتجهيز المناسب ، والتنظيم المناسب ، والتدريب المناسب ، ولا تبتئسوا ان اخبرتكم ان جيشنا ليست لديه عقيدة عسكرية ترسم طريقه ، بسبب ان العقيدة العسكرية تنبع من الاستراتيجية الشاملة للبلد والتي هي مهمة مجلس الوزراء ويقرها مجلس النواب ، والبلد بلا استراتيجية شاملة منذ العام 2008 حيث كانت لديه استراتيجية انشائية سردية ان لم تخني الذاكرة رغم انها لا تقل اهمية عن الدستور ولو كان لدينا كل ذلك لما فكر احد بالعودة الى الخلف (التجنيد الإلزامي) الذي تقول الوطنية وليس التظاهر بها انه امعان في ايذاء هذا الشعب المتعب ..
رغم كل ذلك وأن اخذتنا العواطف الوطنية الى التجنيد الإلزامي فعلينا ان نعي حقيقة ان الدولة الي لا يمكنها حصر السلاح بيدها سوف لن تتمكن من وضع الرجال تحت السلاح وسنجد ان سوق ربع المشمولين سيكون صعبا للغاية ، وهذا الربع سيمكث ثلاثة ارباعه في بيوتهم مقابل ثلاثة ارباع الراتب … ومتى تكون الدولة مقتدرة ستكون مناقشة هذا الأمر مجدية أما الآن فهو مجرد جدل بيزنطي