وزارات الدولة هي مؤسسات إنتاجية كبرى لها الثقل الأول في التنمية الاقتصادية للبلد وهي الأساس في التطور الصناعي والزراعي والتوسع العمراني بكل ما يحويه من منشآت تجارية أو صناعية كبرى أو مجمعات سكنية عميقة الى آخره من أسباب الحضارة الحديثة التي تعمل على أساسها الدول المتقدمة ! ولهذه المؤسسات ايضاً وخاصة وزارة التربية والتعليم العالي وكذلك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي لاتقل أهمية عن ذينك الوزارتين فجميع تلك الوزارات لها الدور المهم في بناء الإنسان بناءً اجتماعياً صالحاً .
مجتمعات متعاقبة
أن هذا البناء المتصاعد للمجتمعات المتعاقبة سيؤدي بالضرورة إلى نشأة الشعب نشأة حضارية متطورة لتمضي الدولة ومن فيها على الطريق الصحيح الذي يلحق بالركب الدولي بعد أن سبقنا بحضارته المتطورة لعشرات السنين ولكن ، عندما تكون تلك الوزارات الإنتاجية بإمرة رجل واحد أي ( الوزير ) صاحب الصلاحيات الواسعة ستكون عرضة لقرارات انفرادية لاتخلو في أحيان كثيرة من لمسة دكتاتورية ، فالوزير ليس ملاك منزل من السماء لكي لايخطىء بل هو إنسان له عواطف ومشاعر أيضاً يتأثر بالأحداث الاجتماعية أو الأسرية الخاصة وهو مُعرّض إلى مزاج متقلب في أوقات كثيرة تؤثر بشكل أو بآخر على سلوكه في العمل ، فهو يصيب ويخطأ ، يفرح ويحزن ، يضحك ويبكي ويتألم ايضاً حاله حال أي إنسان يمارس حياته وسط مجتمعاتنا المليئة بالمشاكل والأحداث العصيبة فتراه متعصباً حانقاً في أكثر الأوقات ذات مزاج حاد مفعم بالتصلب والتشديد ولديه الرغبة الدائمة في اتباع أسلوب العقوبة عند كل رحلة تفتيش ذات المواكب الطويلة أو في كل طقس من طقوس اللقاء مع الموظفين العاملين في الدوائر المرتبطة بوزارته ويعود أسباب هذا السلوك المتشدد إلى إهمال الموظفين في العمل كما هو معروف عن دوائر الدولة والمشاكل العديدة التي تتفاقم يوماً بعد آخر في دوائرهم لأسباب متعددة أولها الفساد وثانيها الروتين وآخرها عدم الاختصاص فأكثر الموظفين جائوا بهم من وراء أعمالهم الحرة البسيطة مثل عمال البناء والحدادين والنجارين وأرباب الحرف وكذلك من مدمني المقاهي والعاطلين عن العمل والنصابين وأهل الكلاوات ومنحو الكثير منهم وظائف ومناصب مهمة ذات شأن فنشأ خلل إداري عظيم في دوائر الدولة لعدم وجود الخبرة والاختصاص كان هو السبب في هذه الفوضى الإدارية العارمة فجاء السادة الوزراء بعد كل تلك الفوضى يريدون أن يصلحوا الحال ويعيدوا ترميم ذلك الخراب المتراكم الذي زحف الى أروقة الوزارات وعشعش فيها بل دق أسفينه نحو جذورها .
إن الصلاحيات الواسعة التي منحت إلى السادة الوزراء جعلهم يمثلون خطراً دائماً على وزاراتهم اولاً والمجتمع ثانياً فلا بد من وجود هيئة رأي أي ( برلمان مصغر ) في كل وزارة يؤيد أو يرفض قرارات الوزير فمن الممكن أن تكون هناك توجيهات خاطئة يتخذها الوزير بشكل انفرادي فيها ثمة ضرر ولا يتجرء أحد على معارضته خوفاً من العقوبة الرادعة التي تؤدي بالبعض إلى فقدان مراكزهم أو فقدان وظائفهم بسبب معارضتهم لقرار الوزير المقدس فقد تتضرر بذلك القرار شريحة كبيرة من المجتمع وخاصة قرارات الوزارات السيادية منها فيمرر القرار رغماً على أنوف الجميع .. ….. لا بد أن تكون هيئة الرأي متنوعة الدرجات أي تتشكل من كافة شرائح الوزارة وليس من طبقة واحدة التي ترى مصلحتها فوق مصلحة الجميع على الدوام وترفض أي أجراء يتضارب مع تطلعاتها .. أن هيئة الرأي هي بمثابة الحزب المعارض الذي يراقب هفوات الوزير ويصحح مسار عمله وبدونها سيطغى بعض الوزراء ويصيبوا دوائر وزاراتهم بالضرر الكبير من وراء قرارات ارتجالية سريعة غير مدروسة يصدرها الوزير ويسعى المتزلفون إلى تعميمها وتنفيذها بسرعة البرق أولئك الذي يجاهدون من اجل أن يرضى عنهم الوزير وهم كثر في مجتمعاتنا التي يحمل الكثير من أفرادها النزعة الريفية التي تعظم شأن الشيخ وتتقرب إلى كرسيه وحاشيته زُلفى .للأسف أن هيئات الرأي في بعض الوزارات تتألف من طبقة واحدة فقط من الموظفين لها رأي ومسعى واحد هو النظر في مصالحها الشخصية قبل كل قرار يتخذونه فتبقى توصياتهم واشاراتهم الإصلاحية ناقصة لاتصب في خدمة المصلحة العامة الا القليل بل على العكس فيها قرارات أو توصيات تضر شريحة من الشرائح على مدى سنين طويلة لعدم وجود من يصحح أخطاء تلك الهيئة التي تكون توصياتها مسموعة من قبل الوزير ومسؤولي الدوائر . نرتأي أن يعاد النظر في هيئات الرأي تلك وان تتشكل بشكلٍ عادل يضم جميع شرائح الوزارة فليس جميع الموظفين هم من الجهلة فمنهم المفكرين والمطورين وأصحاب الرأي السديد الذين يستطيعون بأفعالهم البناءة أن يغيروا واقع حال وزاراتهم نحو الأفضل وأملنا ان يتم التصحيح عن قريب .لننتظر ونرى .