في اعقاب كل حقبة جديدة ، من متوالية الحكم ، وهي كثيرة في بلادنا ، نشهد قرارات ظاهرها غير باطنها ، فهي تعطي انطباعاً اوليا عن الديمقراطية ، بينما اجدها تمثل نوعا من تضييق الذات ، والحرمان من التراكم المعرفي ، ولعل الـ “تغريده ” التي قرأتها السبت المنصرم لزميل كفء في ” كَروب” خاص جدا يجمعنا .. قال فيها ( صار يومين ، مية واحد يسألني انت وين راح تروح ) لا يخفى على احد معانيها ، انها حالة من القلق والترقب تسود المحيط الوظيفي في مختلف المجالات.
نأمل ان يكون الموقع التنفيذي الاول في العراق ، وهنا لا اقصد مرحلة السيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء ، بل اقصد كل من يتبوأ هذه المسؤولية التاريخية ، صمام أمان لتحقيق الكثير، ومنها عدم الذهاب الى المحاصصة والحزبية والرضوخ لرأي الكتل السياسية في اختيار المناصب ، فالدولة العراقية باتت في خطر كبير على ضوء ما نشهده من تحاصص، في كل دورة انتخابية وعند تشكيل كل وزارة تعقبها ، ومن المؤلم ان يعيش موظفو الدولة وكفاءاتها اجواء “رعب” حقيقي مما يسمعوه، ويرونه من إجراءات .
ان الارتباك والخوف يعتري في هذا الوقت الذي اكتب فيه هذه السطور، آلاف الموظفين، فخوفهم من “حرق الاخضر بسعر اليابس” يجعلهم مثل ريشة في مهب ريح عاتية، لاسيما عند الموظفين الاكفاء، الذين رأسمالهم النزاهة، وحب الوطن، والسعي لتطوير ادوات عملهم، ولهم مواقف مشهودة في الرقي المهني والانساني ، وليس غريبا قولي ان الاستقرار الوظيفي والقيمي، هو رابط أساس للناس بدولتهم. وكلما زاد هذا الارتباط المجتمعي بالدولة ، كلما زادت مناعة الدولة وقدرتها. وكلما تراجع ، ضعفت الدولة والنظام لمصلحة المحاصصة.. وهذا هو بيت الداء!
وهنا ، لا اقصد العاملين ” المفسدين والفاسدين ” الذين جاءت بهم الشللية والمحاصصة في مختلف اوقاتها ومسمياتها وظروفها الى مواقع وظيفية لا يستحقونها ، أنما اقصد الاشخاص المتخصصين البعيدين عن هذه الجهة او تلك والقريبين الى الوطن والبناء ، وهم كُثر اذا رأيناهم بعيون نقية وليست حولاء ، تنظر الى نقطة مبهمة .. كلها شكوك .